إذاً ساقط من القرآن ، فالقرآن محرّف ... ومن ثمّ استعظم النّحّاس هذا القول.
وأمّا توجيه البيهقي لهذا الحديث : فإقرار منه بأنّ هذا كان من القرآن حتى بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان المسلمون يتلونه في أصل القرآن.
وزعمه : أنّ الآية كانت منسوخة على عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنّ الذّين كانوا يتلونها لم يبلغهم النسخ ، عارٍ عن الصحّة ولا دليل يدلّ عليه ، على أنّا نقطع بأنّه كما كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ينشر سور القرآن وآياته ويأمر بقراءتها بمجّرد نزولها ، فإنّه كان عليه ـ على فرض وجود النسخ بصورة عامّة ـ أن يذيع ذلك بين الامّة ويبلّغهم جميعاً ليطّلع الكلّ على ذلك ، كما كان يفعل بالنسبة إلى نشر الآيات والسور النازلة.
على أنّ كلامه يستلزم أن تكون الآية من القرآن وأن لا تكون منه في وقت واحد ، وهو باطل ... وسيأتي مزيد بحث حوله في « الفصل الرابع ».
وقال الشعراني (١) : « ولو لا ما يسبق للقلوب الضعيفة ووضع الحكمة في غير أهلها لبيّنت جميع ما سقط من مصحف عثمان » (٢).
وقال الزرقاني ـ في بيان الأقوال في معنى حديث نزول القرآن على سبعة أحرف ـ ما نصّه : « وهو : أنّ المراد بالأحرف : السبعة أوجه من
__________________
(١) الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراني ، من فقهاء الحنفية ومن علماء المتصوّفين ، له مؤلفات كثيرة في الحديث والمواعظ والتراجم وغيرها من العلوم ، توفّي سنة ٩٧٣ ، وله ترجمة في الشذرات : ٨ : ٣٧٢ وغيرها.
(٢) الكبريت الاحمر ـ المطبوع على هامش اليواقيت والجواهر : ١٤٣.