السامع.
وليس ما قدّمنا من لحن الكتّاب في المصحف بضائره أو بمشكّك في حفظ الله تعالى له ، بل إنّ ما قاله ابن عبّاس وعائشة وغيرهما من فضلاء الصحابة وأجلاّء التابعين أدعى لحفظه وعدم تغييره وتبديله. وممّا لا شك فيه أنّ كتّاب المصحف من البشر ، يجوز عليهم ما يجوز على سائرهم من السهو والغفلة والنسيان. والعصمة لله وحده ، ومثل لحن الكتّاب كلحن المطابع ، فلو أنّ إحدى المطابع طبعت مصحفاً به بعض الخطأ ـ وكثيراً ما يقع هذا ـ وسار على ذلك بعض قرّاء هذا المصحف ، لم يكن ذلك متعارضاً مع حفظ الله تعالى له وإعلائه لشأنه » (١).
قال : « وإنّما الذي يستسيغه العقل ويؤيّده الدليل والبرهان أنّه إذا تعلّم فرد الكتابة في امّة اميّة ، فإنّ تعلّمه لها يكون محدوداً ويكون عرضة للخطأ في وضع الرسم والكلمات ، ولا يصحّ والحال كما قدّمنا أن يؤخذ رسمه هذا انموذجاً تسير عليه الامم التي ابتعدت عن الاميّة بمراحل ، وأن نوجب عليها أخذه على علاّته وفهمه على ما فيه من تناقض ظاهر وتنافر بيّن ، وذلك بدرجة أنّ العلماء الّذين تخصّصوا في رسم المصحف لم يستطيعوا أن يعلّلوا هذا التباين إلاّ بالتجائهم إلى تعليلات شاذة عقيمة » (٢).
هذا ... ومن المناسب أن ننقل في المقام ما ذكره الحجّة شرف الدين بهذا الصدد ، فقد قال ما نصه :
« وما أدري ـ والله ـ ما يقولون فيما نقله عنهم في هذا الباب
__________________
(١) الفرقان : ٤١ ـ ٤٦ ملخصاً.
(٢) الفرقان : ٥٨.