وعليه الباقلاني في « نكت الإنتصار » (١) وجماعة.
لكنّ بعضهم يستدلّ ويبرهن على بطلان هذه الأحاديث ، لأنّ القول بها يفضي إلى القدح في تواتر القرآن ، والطعن في الصحابة وخاصة في جامعي المصحف وعلى رأسهم عثمان ، فهذه الأحاديث باطلة لاستلزامها للباطل ...
وجماعة ذهبوا إلى أبعد من كل هذا ، وقالوا بوضع هذه الأحاديث واختلاقها ، من قبل أعداء الإسلام ...
فيقول الحكيم الترمذي (٢) : « ... ما أرى مثل هذه الروايات إلاّ من كيد الزنادقة ... » (٣).
ويقول أبو حيّان الأندلسي : « ومن روى عن ابن عبّاس أنّ قوله : ( حتى تستأنسوا ) خطأ أو وهم من الكاتب ، وأنّه قرأ حتى ( تستأذنوا ) فهو طاعن في الإسلام ملحد في الدين ، وابن عبّاس بريء من هذا القول » (٤).
وهكذا عالج بعض العلماء والكتّاب المتأخّرين والمعاصرين هذه الأحاديث ، فنرى صاحب « المنار » يقول :
« وقد تجرّأ بعض أعداء الإسلام على دعوى وجود الغلط النحوي في القرآن ، وعدّ رفع « الصابئين » هنا من هذا الغلط. وهذا جمع بين السخف والجهل ، وإنّما جاءت هذه الجرأة من الظاهر المتبادر من
__________________
(١) نكت الانتصار : ١٢٧.
(٢) وهو الحافظ أبو عبدالله محمد بن علي ، صاحب التصانيف ، من أئمّة علم الحديث ، له ترجمة في تذكرة الحفّاظ ٢ : ٦٤٥ وغيرها.
(٣) نوادر الاصول : ٣٨٦.
(٤) البحر المحيط ٦ : ٤٤٥.