الشبهات التي تلحق بالقرآن ، يتوقف على النظر في ما ورد في هذا الباب سنداً ومتناً ، والجمع بينها بحمل بعضها على البعض بقدر الإمكان ، وهذا أمر لابدّ منه ... فنقول :
أوّلاً : لقد وردت عن بعض الصحابة أحاديث فيها حصر من جمع القرآن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في عدد معيّن ، إتّفق عبدالله بن عمرو وأنس بن مالك على أنّهم « أربعة » على اختلاف بينهم في بعض أشخاصهم ...
فعن عبدالله بن عمرو أنّهم : عبدالله بن مسعود ، سالم ، معاذ بن جبل ، أبيّ ابن كعب (١).
وعن أنس بن مالك ـ في حديث عن قتادة عنه ـ هم : اُبيّ بن كعب ، معاذ ابن جبل ، زيد بن ثابت ، أبو زيد. قال : من أبو زيد؟ قال : أحد عمومتي (٢).
وفي آخر ـ عن ثابت عنه ـ قال : « مات النبي صلىاللهعليهوآله ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد ».
فأيّ توجيه صحيح لحصر جمّاع القرآن في أربعة؟ وكيف الجمع بين ما روي عن الصحابّيين ، ثمّ بين الحديثين عن أنس؟
قال السيوطي : « قد استنكر جماعة من الأئمّة الحصر في الأربعة ، وقال المازري : لا يلزم من قول أنس « لم يجمعه غيرهم » أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك ... قال : وقد تمسّك بقول أنس هذا
__________________
(١) صحيح البخاري ٦ : ١٠٢ ، صحيح مسلم ٧ : ١٤٩.
(٢) صحيح البخاري ٦ : ١٠٢. واختلف في اسم أبي زيدٍ هذا. انظر الاتقان ١ : ٧٤.