ثمّ إنّ الرواية عنها في ذلك مضطربة ، فاللفظ الذي الذي أوردناه في أول السياق رواه عنها مسلم وكذا أبو داود ولانسائي ، وفي رواية لمسلم : نزل في القرآن عشر رضعات معلومات ثمّ نزل أيضاً خمس معلومات. وفي رواية الترمذي : نزل في القرآن عشر رضعات معلومات فنسخ من ذلك خمس رضعات إلى خمس رضعات معلومات ، فتوفي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأمر على ذلك. وفي رواية ابن ماجة : كان فيما أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ من القرآن ثمّ سقط : لا يحرّم إلاّ عشر وضعات أو خمس رضعات.
فهي لم تبيّن في شيء من هذه الروايات لفظ القرآن ولا السورة التي كان فيها ، إلاّ أن يراد برواية ابن ماجة أنّ ذلك لفظ القرآن ...
ـ ثمّ قال بعد إيراد تأويلٍ قاله « الجامدون على الروايات من غير تمحيص » كما وصفهم ـ :
إنّ ردّ هذه الرواية عن عائشة لأهون من قبولها مع عدم عمل جمهور من السلف والخلف بها كما علمت. فإن لم نعتمد روايتها فلنا اسوة بمثل البخاري وبمن قالوا باضطرابها ، خلافاً للنووي ، وإن لم نعتمد معناها فلنا اسوة بمن ذكرنا من الصحابة والتابعين ومن تبعهم في ذلك كالحنفية. وهي عند مسلم من رواية عمرة عن عائشة. أو ليس ردّ رواية عمرة وعدم الثقة بها أولى من القول بنزول شيء من القرآن لا تظهر له حكمة ولا فائدة ، ثمّ نسخة أو سقوطه أو ضياعه ، فإنّ عمرة زعمت أنّ عائشة كانت ترى أنّ الخمس لم تنسخ؟! وإذاً نعتدّ بروايتها » (١).
__________________
(١) المنار٤ : ٤٧١ ـ ٤٧٤.