( قال ) : تنبيه : قد نخلنا القول وتتبّعنا كلامهم ما بين معسول ومغسول فآل ذلك إلى أنّ قول عثمان فيه مذهبا ، أحدهما : أنّ المراد باللحن ما خالف الظاهر ، وهو موافق له حقيقة ليشمل الوجوه تقديراً واحتمالاً. وهذا ما ذهب إليه الداني وتابعه كثيرون. والرواية فيه صحيحة.
والثاني : ما ذهب إليه ابن الأنباري من أنّ ( اللحن ) على ظاهره ، وأنّ الرواية غير صحيحة » (١).
أقول : وكأن المتأوّلين التفتوا إلى كون تأويلاتهم مزيّفة ، فالتجؤوا إلى القول بأنّ تلك الآثار « محرّفة » ... فقد جاء في الإتقان عن ابن أشتة : أنّه روى الحديث بإسناده عن عثمان وليس فيه لفظ « اللحن » بل إنّه لمّا نظر في المصحف قال : « أحسنتم وأجملتم ، أرى شيئاً سنقيمه بألسنتنا ». قال : « فهذا الأثر لا إشكال فيه وبه يتّضح معنى ما تقدّم ... ولعلّ من روى تلك الآثار السابقة عنه حرّفها ولم يتقن اللفظ الذي صدر عن عثمان ، فلزم ما لزم من الإشكال. فهذا أقوى ما يجاب عن ذلك ».
قال السيوطي بعد إيراد الأجوبة عن حديث عثمان : « وبعد ، فهذه الأجوبة لا يصحّ منها شيء من حديث عائشة. أمّا الجواب بالتضعيف فلأنّ إسناده صحيح كما ترى ... » (٢).
أقول : هذه عمدة ما ورد في هذا الباب ممّا التزموا بصحّته ، وقد عرفت أن لا تأويل صحيح له عندهم ، فهم متورّطون في أمر خطره عظيم ،
__________________
(١) عناية القاضي ٣ : ٢٠١.
(٢) الإتقان ٢ : ٣٢٠ ـ ٣٢٦.