وقال أبو بكر الرازي : نسخ الرسم والتلاوة إنّما يكون بأن ينسيهم الله إيّاه ويرفعه من أوهامهم ويأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكتبه في المصحف ، فيندرس على الأيّام كشائر كتب الله القديمة التي ذكرها في كتابه في قوله : ( إنّ هذا لفي الصّحف الاولى صحف إبراهيم وموسى ) ولا يعرف اليوم منها شيء.
ثمّ لا يخلو ذلك من أن يكون في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى إذا توفي لا يكون متلوّاً في القرآن أو يموت وهو متلوّ بالرسم ثم ينسيه الله الناس ويرفعه من أذهانهم ، وغير جائز نسخ شيء من القرآن بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم » (١) ثمّ أورد كلام الزركشي الآتي ذكره.
وقال الشوكاني : « منع قوم من نسخ اللفظ من بقاء حكمه ، وبه جزم شمس الدين السرخسي ، لأنّ الحكم لا يثبت بدون دليله » (٢).
وحكى الزرقاني عن جماعة في منسوخ التلاوة دون الحكم : إنّه مستحيل عقلاً ، وعن آخرين منع وقوعه شرعاً (٣).
ولم يصحّح الرافعي القول بنسخ التلاوة وأبطل كلّ ما حمل على ذلك وقال : « ولا يتوهّمنّ أحد أنّ نسبة بعض القول إلى الصحابة نصّ في أنّ ذلك المقول صحيح ألبتّة ، فإنّ الصحابة غير معصومين ، وقد جاءت روايات صحيحة بما أخطأ فيه بعضهم من فهم أشياء من القرآن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله وذلك العهد هو ما هو. ثمّ بما
____________
(١) الإتقان ٢ : ٨٥ ، وانظر البرهان ٢ : ٣٩ ـ ٤٠.
(٢) إرشاد الفحول : ١٨٩ ـ ١٩٠ ، وتقدّم نصّ عبارة السرخسي عن اصوله ٢ : ٧٨.
(٣) مناهل العرفان ٢ : ١١٢.