كنتم إلى الآن؟! » (١).
قال : « وقد كان فيهم مع كثرة سماه وجمعه للحديث من يرويه ولا يدري ما معناه ، وفيهم من يصحّفه ويغيره ... أخبرنا الدرا قطني : أنّ أبا موسى محمد بن المثنّى العنزي قال لهم يوماً : نحن قوم لنا شرف ، نحن من عنزة قد صلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلينا ، لما روي أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صلى الى عنزة ، توهّم أنّه صلى إلى قبلتهم ، وإنّما العنزة التي صلى إليها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هي حربة » (٢).
قال : « وقد كان أكثر المحدّثين يعرفون صحيح الحديث من سقيمه وثقات النقلة من مجروحيهم ثم يعابون لقلّة الفقه ، فكان الفقهاء يقولون للمحدّثين : نحن الأطبّاء وأنتم الصيادلة ... » (٣).
قال : « والآن فالغالب على المحدّثين السماع فحسب ، لا يعرفون صحابياً من تابعي ، ولا حديثاً مقطوعاً من موصول ، ولا صحّة إسناد من بطلانه ، وفرض مثل هؤلاء القبول ممّن يعلم ما جهلوه ... » (٤).
وبالجملة .. فإنّ هذا حال أهل الحديث .. إلاّ القليل منهم .. الّذين نظروا في الأحاديث وبحثوا عن أحوالها على أساس النظر في المفاد والمدلول ، فجاء عنهم الطعن والقدح في أحاديث كثيرة حتى من الصحيحين .. لأنّ الحديث إذا عارض الكتاب أو خالف الضرورة من الدين أو العقل أو التاريخ يكذّب وإن صحّ سنده .. وقد أشرنا إلى هذه
__________________
(١) آفة أصحاب الحديث ـ بتحقيق وتقديم وتعليق علي الحسيني الميلاني ـ : ٤٤.
(٢) المصدر نفسه : ٤٦.
(٣) المصدر نفسه : ٤٩.
(٤) المصدر نفسه : ٤٩.