القراءات : « الثالث : إنّ تسليم تواترها عن الوحي الإلهي ، وكون الكلّ قد نزل به الروح الأمين ، يفضي إلى طرح الأخبار المستقيضة بل المتواترة الدالّة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن ، كلاماً ومادة وإعراباً » (١).
ولكن يردّه تصريح جماعة من كبار العلماء المحقّقين ـ وفيهم الأخباريون الفطاحل ـ بأنّ أحاديث التحريف أخبار آحاد ، لا يمكن الركون إليها والإعتماد عليها في هذه المسألة الإعتقادية.
فقد قال شيخ الطائفة : « غير أنّه رويت كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آي القرآن ، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع ، طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً ، والأولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها ».
وقال الشيخ المجلسي عن الشيخ المفيد : « إنّ الأخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد يقطع على الله تعالى بصحتها ».
وكذا قال غيرهما من أعلام الطائفة.
على أنّ كلام هذا المحدّث نفسه يدل على أنّ دعواه تلك بعيدة كلّ البعد عما نحن بصدده ، لأنّه يدّعي التواتر في أحاديث التحريف بمختلف معانيه كلاماً ومادة وإعراباً.
ومن المعلوم : إنّ طائفة من الأحاديث جاءت ظاهرة في أنّ المسلمين حرّفوا القرآن من جهة المعنى دون اللفظ ، وحملوا آياته على خلاف مراد الله تعالى ، وإن طائفة اخرى من الأحاديث جاءت ظاهرة في وقوع التحريف في القرآن نتيجة اختلاف القراءات. إلى غير ذلك من
__________________
(١) الأنوار النعمانية ٢ : ٣٥٧.