الصدور ، وشددت أواخي (١) ملكك بأوثق من ركن يلملم (٢) وكنت كما قال أخو بني جعفر بن كلاب ـ يعني لبيد ـ (٣) :
ومقام ضيّق فرّجته |
|
ببيان (٤) ولسان وجدل |
لو يقوم الفيل أو فيّاله |
|
زلّ عن مثل مقامي ورجل (٥) |
فأعاده إلى محبسه ، ثم أقبل على جلسائه ، فقال : والله لقد نظرت إلى موضع السيف من عنقه مرارا ، فمنعني من قتله إبقائي على مثله.
قال : فأراد يحيى بن خالد أن يضع من عبد الملك لرضا الرشيد فقال له : يا عبد الملك ـ بعد أن ولّى ـ بلغني أنك حقود.
فقال عبد الملك : أيها الوزير إن كان الحقد هو بقاء الخير والشرّ ، إنّهما لباقيان في قلبي.
فقال الرشيد : تا لله ، ما رأيت أحدا احتج للحقد بأحسن مما احتج به عبد الملك.
قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الوهاب الميداني ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر ، أنا محمّد بن جرير الطبري (٦) ، قال :
ذكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل أن عبد الملك بن صالح كان له ابن يقال له عبد الرّحمن ، كان من رجال الناس ، وكان عبد الملك يكنى به ، وكان لابنه عبد الملك لسان على فأفأة فيه ، فنصب لأبيه (٧) عبد الملك وقمامة فسعيا به إلى الرشيد ، وقالا له : إنّه يطلب الخلافة ، ويطمع فيها ، فأخذه فحبسه عند الفضل بن الربيع ، فذكر أن عبد الملك أدخل على الرشيد حين سخط عليه فقال له الرشيد : أكفرا للنعمة وجحودا لجليل المنّة والتكرمة؟ فقال : يا أمير المؤمنين لقد بؤت إذا بالندم ، وتعرّضت لاستحلال النقم ، وما ذاك إلّا بغي حاسد
__________________
(١) الأواخي جمع أخية وآخية : عود يعرض في الحائط ، ويدفن طرفاه فيه ، ويصير وسطه كالعروة تشد إليه الدابة.
(٢) يلملم : جبل من الطائف على ليلتين أو ثلاث.
(٣) ديوان لبيد ط بيروت ص ١٤٧.
(٤) مروج الذهب : بلسان أو بيان أو جدل.
(٥) مروج الذهب : «أو زحل» وفي م : ورحل.
(٦) الخبر في تاريخ الطبري ٨ / ٣٠٢ وما بعدها (حوادث سنة ١٨٧) والكامل في التاريخ بتحقيقنا (حوادث سنة ١٨٧).
(٧) عن م والطبري ، وبالأصل : «ولابنه». وفي ابن الأثير : فسعى بأبيه هو وقمامة كاتب أبيه.