المؤمنين ، قال : لا ، إنما هي دراهم لصاحبي استقرضتها منه ، فإذا أتى علي ثمن الأرض بعته فقضيتها ، قلت : أفلا أكلّم لك أمير المؤمنين يجري عليك رزقا يسعك ويسع أهلك؟ قال : وترى ذاك؟ قال : قلت : نعم ، قال : لكني والله ما أراه ، والله ما يسرني أن أمير المؤمنين [(١) أجرى عليّ شيئا من صلب ماله خاصة عليّ دون إخوتي الصغار ، فكيف يجري عليّ من فيء المسلمين.
قال : وأنا بقي بن مخلد ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدّثني يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي ، حدثني أبي قال : سمعت سليمان بن حبيب المحاربي فقال :
كنت قاعدا على باب عمر بن عبد العزيز أنتظر الإذن ، وكان لا يأذن لأحد من الناس مسلمة ولا غيره إذا كان على ....... (٢) يتوضأ أو يصلي أو ينظر في مصحف ويأذن لهم في ما سوى ذلك ، قال : فانتظرته قليلا ، فظننا أنه يتوضأ وعبد الملك بن عمر جالس. قال : فقلت له : خصك أمير المؤمنين أو جعل لك فراشين أو مطبخا أو قررك بشيء من المال أو سماه لك؟ قال : لو أني لفي كفاية من الله عزوجل ما أحتاج إلى ذلك. قال : فقلت : إنك غلام شاب ، والشاب يتبع نفسه ويدعوه إلى أشياء.
قال : فأقبل عليّ بوجهه ثم قال : ويحك يا سليمان بن حبيب ، إن الله قد أحسن إلى أمير المؤمنين وتولاه ، وأحسن معونته منذ ولاه ، فليس للناس فيه مقال.
ثم نظر عبد الملك إلى ذباب واقع على الحائط ، قال : والله لأن يخرج نفس أمير المؤمنين أحب إليّ من [أن] يخرج نفس هذا الذباب.
قال : قلت سبحان الله كل هذا يقوله في أمير المؤمنين ، قال : وكيف لا أقوله ولم يزل عبد ولي في نعم الله وعافية في عنايته بالعامة والخاصة وسيرته الحسنة الجميلة ، ولست آمن عليه أن؟ يحبه (٣) بعض ما يصرفه عن دينه ، والله لأن يموت على هذه الحال أحب إليّ من أن يموت قد دخل في بعض ما يتخوف عليه. ثم أذن لنا ، فدخلنا فقال عمر لسليمان بن حبيب : لقد أسمع سلاما وهمهمة على الباب ، فمن كان معك؟ قال : ما عداي وعبد الملك أحد ، فقال : ما كنتم تذكرون (٤)؟ قال : فقلت له : يا أمير المؤمنين لأجربه فأنظر كيف مذهبه وعقله ،
__________________
(١) من هنا بياض بالأصل ، والمستدرك بين معكوفتين عن م.
(٢) كلمتان غير واضحتين في م.
(٣) كذا رسمها في م.
(٤) في م : تذكروا.