وبكت عيوننا وأخفينا ذلك ولم نظهره ونزلنا بدسكرة الملك واستأجرنا منزلا وأحرزنا ما حملناه فيه وأصبحنا والخبر شايع في الدسكرة بوفاة مولانا أبي الحسن ، فقلنا : لا إله إلّا الله ، أترى الرسول الذي جاء برسالته أشاع الخبر في الناس ، فلمّا أن تعالى النهار رأينا قوما من الشيعة على أشدّ قلق ممّا نحن فيه ، فأخفينا أثر الرسالة ولم نظهره ، فلمّا جنّ علينا الليل جلسنا بلا ضوء حزنا على سيّدنا أبي الحسن نبكي ونشتكي إلى الله فقده ، فإذا نحن رأينا يدا قد دخلت علينا من الباب فأضائت كما يضيء المصباح وقائل يقول : يا أحمد ، يا محمّد ، هذا التوقيع فاعملا بما فيه ، فقمنا على أقدامنا فأخذنا التوقيع ، فإذا فيه :
«بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسن المستكين لله ربّ العالمين إلى شيعته المساكين ، أمّا بعد ، فالحمد لله على ما نزل بنا ومنه ونشكر إليكم جميل الصبر عليه وهو حسبنا في أنفسنا وفيكم ونعم الوكيل ، ردّوا ما معكم فليس هذا أوان الوصول إلينا فإنّ هذا الطاغية قد بثّ عينه وحرسه حولنا ولو شئنا ما صدّكم وأمرنا يردّ إليكم ومعكما صرّة فيها سبعة عشر دينارا في خرقة حمراء لأيّوب بن سليمان الآجي فردّها عليه فإنّه ممتحن بما فعله وهو ممّن وقف على جدّي موسى بن جعفر فردّا صرّته إليه ولا تخبراه.
فرجعنا إلى قم وأقمنا بها سبع ليال فإذا قد جائنا أمره بأنّا قد أنفذنا إليكم إبلا غير إبلكما فاحملا ما عندكما إليه وخلّيا سبيله فإنّها واصلة إلينا. قالا : وكانت الإبل بغير قائد ولا سائق ومعه التوقيع مثل ذلك التوقيع الذي أوصله إيلنا بدسكرة الملك اليد ، فحمّلناها ما عندنا واستودعناها الله وأطلقناها ، فلمّا كان من قابل خرجنا نريده عليهالسلام فلمّا وصلنا إلى سرّ من رأى دخلنا عليه عليهالسلام ، فقال لنا : يا أحمد ، يا محمّد ، ادخلا من الباب الذي بجانب الدار فانظرا إلى ما حملتما إلينا بتوسّط الإبل هل تفقدا منه شيء ، فدخلنا فإذا نحن بالمتاع كما وعيناه وشددناه لم يتغيّر منه شيء ،