الحير (١) ، وقلت لمحمّد : ألا قلت له : أنا أذهب إلى الحير ، ثمّ دخلت عليه وقلت له : جعلت فداك أنا أذهب إلى الحير. فقال : انظروا في ذلك ، ثمّ قال : إنّ محمّدا ليس له سرّ من زيد بن عليّ وأنا أكره أن يسمع ذلك.
قال : فذكرت ذلك لعليّ بن بلال ، فقال : ما كان الحير هو الحير ، فقدمت العسكر فدخلت عليه ، فقال : اجلس حين أردت القيام ، فلمّا رأيته أنس بي ذكرت له قول عليّ بن بلال ، فقال لي : ألا قلت له إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يطوف بالبيت ويقبّل الحجر وحرمة النبيّ والمؤمن أعظم من حرمة البيت ، وأمره الله عزوجل أن يقف بعرفة وإنّما هي مواطن يحبّ الله أن يذكر فيها ، فأنا أحبّ أن يدعى لي حيث يحبّ الله أن يدعى فيها ، الخبر.
مقالة أبي عبد الله الجنيدي في حقّه عليهالسلام
وفي شرح القصيدة لأبي فراس ، قال : روي عن محمّد بن جعفر قال : قدم المدينة عمر بن الفرج حاجّا بعد مضيّ أبي جعفر الجواد عليهالسلام فأحضر جماعة من أهل المدينة من أهل الأدب والقرآن ؛ المخالفين والمعاندين لأهل البيت ، وقال لهم : اطلبوا رجلا من أهل المدينة من أهل الأدب والقرآن والعلم لا يوالي أهل بيت رسول الله لأضمّ إليه هذا الصبي (عنى أبا الحسن عليهالسلام) وأوكله بتعليمه وأمره بأن يمنع الرافضة منه الذين يقصدونه ويعودونه ، وكان عمره يومئذ ستّ سنين وخمسة أشهر ، فذكروا له رجلا من أهل الأدب يكنى أبا عبد الله ويعرف بالجنيدي وكان
__________________
(١) قوله : «ابعثوا إلى الحير» أي ابعثوا رجلا إلى حائر الحسين عليهالسلام يدعو لي هناك. قوله : «انظروا في ذلك» يعني إنّ الذهاب إلى حائر الحسين عليهالسلام مظنّة للأذى والضرر فانظروا في ذلك ولا تبادروا إليه ، لأنّ المتوكّل كان يمنع الناس من زيارته أشدّ المنع. قوله : «ليس له سرّ من زيد بن عليّ» لعلّه كناية عن خلوص التشيّع فإنّه بذل نفسه لإحياء الحقّ ويحتمل أن يكون «من» تعليليّة يعني ليس هو بموضع سرّ لأنّه يقول بإمامة زيد بن عليّ. قوله : «ما كان يصنع الحير» أي هو في الشرف مثل الحير فأيّ حاجة له في أن يدعى له في الحير. (البحار ج ١٢).