قال : لمّا جاوزت سدرة المنتهى وبلغت أغصانها وقضبانها (١) رأيت بعض ثمار قضبانها أثداؤه معلّقة يقطر من بعضها اللبن ، ومن بعضها العسل ، ومن بعضها الدهن ، ويخرج من بعضها شبه دقيق السميذ ، وعن بعضها الثياب ، وعن بعضها كالنبق ، فيهوي ذلك كلّه نحو الأرض ، فقلت في نفسي : أين مقرّ هذه الخارجات عن هذه الأثداء ، وذلك أنّه لم يكن معي جبرئيل لأنّي كنت جاوزت مرتبة واختزل دوني ، فناداني ربّي عزوجل في سرّي : يا محمّد ، هذه أنبتّها من هذا المكان الأرفع لأغذو منها بنات المؤمنين من أمّتك وبنيهم ، فقل لآباء البنات لا تضيّقنّ صدوركم على فاقتهنّ فإنّي كما خلقتهنّ أرزقهنّ.
روايته في ذكر من مسخهم الله
روى الطبرسيّ في الاحتجاج بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ عن آبائه أنّ عليّ ابن الحسين عليهالسلام كان يذكر حال من مسخهم الله قردة من بني إسرائيل ويحكي قصّتهم ، فلمّا بلغ آخرها قال : «إنّ الله تعالى مسخ أولئك القوم لاصطيادهم السمك ، فكيف ترى عند الله عزوجل يكون حال من قتل أولاد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهتك حريمه؟! إنّ الله تعالى وإن لم يمسخهم في الدّنيا فإنّ المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ».
فقيل له : يابن رسول الله فإنّا قد سمعنا منك هذا الحديث ، فقال لنا بعض النصّاب : فإن كان قتل الحسين باطلا فهو أعظم عند الله من صيد السمك في السبت ، أفما كان الله غضب على قاتليه كما غضب على صيّادي السمك؟
__________________
(١) والقضب كلّ نبت يقطع وأكل طريّا ، والقضبة اسم يقع على ما قضب من أغصان يتّخذ منه سهام ، وقيل : الغصن المقطوع قضيب ، والمراد هنا أغصانها. و «السميذ» ـ بالمهملة والمعجمة والثاني أفصح ـ لباب البرّ وما تبيض من الطعام. و «النبق» ثمر السدر. و «اختزل» أي انقطع.