أحيطوا بي حتّى لا يراني الذئبان ، فأحاطوا به وقال للراعي : يا راعي ، قل للذئبين : من محمّد الذي ذكرته من بين هؤلاء؟ قال : فجاء الذئب إلى واحد منهم وتنحّى عنه ، ثمّ جاء إلى الآخر وتنحّى عنه ، فما زال حتّى دخل وسطهم فوصل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله هو وأنثاه وقال : السّلام عليك يا رسول الله وسيّد الخلق أجمعين ، ووضعا خدودهما على التراب ومرّغاها بين يديه وقالا : نحن كنّا دعاة إليك ، بعثنا إليك هذا الراعي وأخبرناه بخبرك.
فنظر النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى المنافقين معه ، فقال : ما للكافرين عن هذا محيص ، ولا للمنافقين من هذا معدل ، وقد علمتم صدق الراعي فيها ، أتحبّون أن تعلموا صدقه في الثانية ـ يعني عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ـ؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : أحيطوا بعليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، ففعلوا ، ثمّ نادى رسول الله : يا أيّها الذئبان ، إنّ هذا محمّد قد أشرتما للقوم إليه فأشيروا إلى عليّ بن أبي طالب عليهالسلام الذي ذكرتماه. قال : فجائه الذئبان وتخلّل القوم وجعلا يتأمّلان الوجوه والأقدام حتّى بلغا عليّا فلمّا تأمّلاه مرغا في التراب أبدانهما ووضعا على الأرض بين يديه خدودهما وقال : السّلام عليك يا وصيّ المصطفى وعالما في الصحف الأولى ، السّلام عليك يا من أسعد الله به محبّيه وأشقى بعداوته شانئيه ، فعجب أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله الذين كانوا معه وقالوا : يا رسول الله ، ما ظنّنا أنّ لعليّ هذا المحلّ من السباع مع محلّه منك. قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فكيف لو رأيتم محلّه من سائر الحيوانات المنبثّات في البحر والبرّ ، وتواضع أملاك سدرة المنتهى والحجب والعرش الكرسيّ.
قال عليّ بن محمّد الهادي عليهالسلام : وأمّا حنين الجذع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فإنّ رسول الله كان يخطب بالمدينة إلى جذع نخلة في صحن مسجدها ، فقال له بعض أصحابه : يا رسول الله ، إنّ الناس قد كثروا وإنّهم يحبّون النظر إليك إذا تخطب ، فلو أذنت أن تعمل لك منبرا له مراق ترقاها فيراك الناس إذا خطبت ، فأذن في ذلك ، فلمّا كان