وقال إذا كان بكم قتال فأميركم الذي تكونون فى عمله. وروى أيضا أنه أمر عمرا مشافهة أن يصلى بالناس إذا اجتمعوا ، وإذا تفرقوا صلى كل أمير بأصحابه وأمر الأمراء أن يعقدوا لكل قبيلة لواء يكون فيهم ، قالوا : فلما صار عمرو بن العاصي إلى أول عمل فلسطين كتب إلى أبى بكر يعلمه كثرة عدد العدو وعدتهم وسعة أرضهم ونجدة مقاتلتهم ، فكتب أبو بكر إلى خالد ابن الوليد بن المغيرة المخزومي وهو بالعراق يأمره بالمسير إلى الشام فيقال : أنه جعله أميرا على الأمراء فى الحرب ، وقال قوم : كان خالد أميرا على أصحابه الذين شخصوا معه ، وكان المسلمون إذا اجتمعوا لحرب أمره الأمراء فيها لبأسه وكيده ويمن نقيبته. قالوا : فأول وقعة كانت بين المسلمين وعدوهم بقرية من قرى غزة يقال لها داثن كانت بينهم وبين بطريق غزة فاقتتلوا فيها قتالا شديدا ثم ان الله تعالى أظهر أولياءه وهزم أعداءه وفض جمعهم وذلك قبل قدوم خالد بن الوليد الشام ، وتوجه يزيد بن أبى سفيان فى طلب ذلك البطريق فبلغه أن بالعربة من أرض فلسطين جمعا للروم فوجه إليهم أبا أمامة الصدى بن عجلان الباهلي فأوقع بهم وقتل عظيمهم ثم انصرف.
وروى أبو مخنف فى يوم العربة أن ستة قواد من قواد الروم نزلوا العربة فى ثلاثة آلاف فسار إليهم ابو أمامة فى كثف من المسلمين فهزمهم وقتل أحد القواد ثم اتبعهم فصاروا إلى الدبية ـ وهي الدابية ـ فهزموهم وغنم المسلمون غنما حسنا.
وحدثني أبو حفص الشامي عن مشايخ من أهل الشام قالوا : كانت أول وقائع المسلمين وقعة العربة ولم يقاتلوا قبل ذلك مذ فصلوا من الحجاز ، ولم يمروا بشيء من الأرض فيما بين الحجاز وموضع هذه الوقعة إلا غلبوا عليه بغير حرب وصار فى أيديهم.