وأبرحه حتى فتحوه فى وقت طلوع الشمس. فلما رأى الأسقف أن أبا عبيدة قد قارب دخول المدينة بدر إلى خالد فصالحه وفتح له الباب الشرقي فدخل والأسقف معه ناشرا كتابه الذي كتبه له ، فقال بعض المسلمين : والله ما خالد بأمير فكيف يجوز صلحه ، فقال أبو عبيدة : أنه يجيز على المسلمين أدناهم ، وأجاز صلحه وأمضاه ولم يلتفت إلى ما فتح عنوة فصارت دمشق صلحا كلها ، وكتب أبو عبيدة بذلك إلى عمرو أنفذه ، وفتحت أبواب المدينة فالتقى القوم جميعا وفى رواية أبى مخنف وغيره أن خالدا دخل دمشق بقتال ، وأن أبا عبيدة دخلها بصلح فالتقيا بالزياتين والخبر الأول أثبت.
وزعم الهيثم بن عدى أن أهل دمشق صولحوا على انصاف منازلهم وكنائسهم ، وقال محمد بن سعد قال أبو عبد الله الواقدي : قرأت كتاب خالد ابن الوليد لأهل دمشق فلم أر فيه أنصاف المنازل والكنائس ، وقد روى ذلك ولا أدرى من أين جاء به من رواه ، ولكن دمشق لما فتحت لحق بشر كثير من أهلها بهرقل وهو بأنطاكية فكثرت فضول منازلها فنزلها المسلمون ، وقد روى قوم أن أبا عبيدة كان بالباب الشرقي وان خالدا كان بباب الجابية وهذا غلط (١).
__________________
(١) يقول محمد بن عساكر قد اعتمد المؤلف على الرواية فى فتح دمشق من باب الجاببة عنوة بيد أبى عيدة رضى الله عنه وأكد ذلك بقوله هنا «والخبر الأول أثبت» وهو على الحقيقة أضعف الروايات فى فتح دمشق ، والصحيح الثابت بالأخبار والآثار أن خالدا رضى الله عنه دخلها من الباب الشرقي قسرا ، ودخلها أبو عبيدة سلما من باب الجابية هذا من حيث صحة الأخبار ، وأما من حيث دلالة الآثار فان جامع دمشق لم يكن بيد المسلمين منه قبل عمارته إلا الجانب الشرقي بحكم السيف ودليلنا أن المقصور التي تنسب إلى الصحابة والسبع القراء به أيضا ولم تزل الكنيسة من غربه إلى أن هدمها الوليد بن عبد الملك لما عزم على بنائه فى خلافته ، وفى رواية المؤلف أولا ـ