لشدّة النّزع. قال : ونرى أنّ قول العرب ما ساءك وناءك من هذا ، ومعناه أناءك فألقى الألف للاتباع كقولهم : هنّأني الطّعام ومرّأني ، وكان ينبغي أن يكون أمرأني.
قال أبو حنيفة : فأمّا من ذهب إلى أنّ الكوكب ينوء ثم يسقط ، وإذا سقط فقد تقضى نوؤه ، ودخل نوء الكوكب الذي بعده ، فتأويله أنّ الكوكب إذا سقط النّجم الذي بين يديه أطلّ هو على السّقوط ، وكان أشبه شيء حالا بحال النّاهض ولا نهوض به ، حتّى يسقط ، لأنّ الفلك يجرّه الغور ، فكأنّه متحامل عليه ، يعني قد غلبه. ويجمع النوء أنواء ونوانا. قال حسّان بن ثابت رضياللهعنه شعرا :
ويثرب تعلم أنّا بها |
|
إذا قحط القطر نواتها |
وقال بعضهم : الحق في ذلك مذهب الخليل الذي حكاه عنه مؤرج ، وهو أنّ النّوء اسم المطر الذي يكون مع سقوط النّجم ، لأنّ المطر نهض مع سقوط الكوكب ، واسم الكوكب السّاقط النّوء أيضا ، فالشيء إذا مال في السّقوط يقال : ناء ، وإذا نهض في تناقل يقال ناء به ، قال ذو الرمة في وصف الرياك :
ينون ولم يكسين إلا قنازعا |
|
من الرّيش تنواء الفصال الهزائل |
وينوء الحمل الثّقيل إذا مال بالبعير ، ويقال : المرأة تنوء بها عجيزتها ، قال الشاعر :
لها حضور وأعجاز تنوء بها |
|
إذا تقوم يكاد الخصر ينخزل |
وفي القرآن : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) [سورة القصص ، الآية :٧٦].
فصل
وهي نجوم الأخذ ، قال الله تعالى : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) [سورة يس ، الآية : ٣٩].
وهي ثمانية وعشرون منزلا لا اختلاف في ذلك ، وتسمّى نجوما ، وإن كان منها ما هو كوكب واحد ، وكان منها ما هو أكثر ، وقد قيل للثّريا : النجم ، وهو كالعلم لها وهي ستّة كواكب. والنّجم إن كان كالعلم ، وقد شهرت به ، فقد يقولون في النّسبة هذا النّجم الثّريا إذا جعلوه اسما لجماعة كواكبها ، ويقولون : هذه نجوم الثّريا إذا جعلوا كلّ كوكب منها نجما ، ثم جمعوها. قال ذو الرمة :
لعالية في الأدحى بيضا بقفرة |
|
كنجم الثّريا لاح بين السّحائب |