إذا طلع انتشرت فخرج منها ما كان مختبئا في البرد ، لأنّ طلوعه في وقت الدّفاء ، والسّعود متناسقة بعضها على إثر بعض.
(٢٦) وأمّا الفرغ الأول : فهو فرغ الدّلو ، والدّلو أربعة كواكب مربعة واسعة ، بين كل كوكبين قدر قامة الرّجل ، أو أكثر في رأي العين ، فهم يجعلون هذه الكواكب الأربعة عراقي الدّلو. قال عدي بن زيد في خريف شعرا :
سقاه نوء من الدّلو تد |
|
لّى ولم يوار العراقي |
وفرغ الدّلو : مصبّ الماء من بين العراقي وقد يقولون لهما العرقوة العليا والعرقوة السّفلى. قال : (قد طال ما حرمت نوء الفرغين).
(٢٧) وأمّا الفرغ الثاني : وهو العرقوة السّفلى فكمثل الفرغ الأول ، وقد يقال للفرغ الأول : ناهزا الدّلو المقدمان وللفرغ الأسفل : ناهزا الدّلو المؤخّران. والنّاهز الذي يحرك الدّلو ليمتلئ ، وقالوا : يقصر القمر أحيانا فينزل بالكرب ، والكرب الذي وسط العراقي الأربع ، والكرب من الدّلو ما شدّ به الحبل من العراقي. وقالوا : ربما نزل ببلدة الثّعلب ، وهو بين الدّلو والسّمكة من عن يمين المرفق.
(٢٨) وأمّا الرّشاء وهو السمكة : فكواكب في مثل حلقة السّمكة ، وفي موضع البطن منها من الشّق الشّرقي نجم منير ينزل به القمر يسمّونه بطن السّمكة. والمنجّمون يسمّونه : قلب الحوت. ويقال لما بين المنازل : الفرج. فإذا قصر القمر عن منزلة واقتحم التي قبلها فنزل بالفرجة ، بينما استحبّوا ذلك إلّا الفرجة التي بين الثّريّا والدّبران ، فإنّهم يكرهونها ويستخشونها ، ويقال لها الضيّقة (١). قال :
فهلّا زجرت الطيّر ليلة جئته |
|
تضيّقه بين النّجم والدّبران |
وسميّت ضيقة لضيقها عندهم ، فإنّهم يتواضعون قصر ما بين طلوع النّجم وطلوع الدّبران. ذكر عن يزيد بن قحيف الكلابي ، أنّه قال : ما بينهما إلا سبعة أيام وإنّما هذا نحو نصف ما قدر لما بين المنزلين.
قال أبو حنيفة : فهذا ما حكي لنا ، وأمّا نحن فلم نجدها أقصر المنازل كلّها مدة في الطّلوع ، ولا فرجة في المنظر ، وأنّ الذي نير الطّرف والجبهة لأقلّ من ذلك ولكن قد وجدناهما في الغروب عندهم متقاربين جدا ، حتّى لا نكاد نثبت بينهما شيئا ما هو الآن إلا أن يسقط النّجم ، فما يستقيم السّقوط حتّى يسقط الدّبران وأحسب الذي اشتهر أمرهما في
__________________
(١) الضيقة منزل للقمر ـ قاموس.