فصل
في المراقبة والمطالعة
واعلم أنّ لكلّ برج ومنزل رقيبا من المنازل والبروج ، فرقيب كلّ برج البرج السّابع ، ورقيب كلّ منزل المنزل الخامس عشر ، ومعنى الرّقيب الذي في غروبه طلوع الآخر ، وهو مأخوذ من المراقبة ، لأنه يراقب بالطلوع غروب صاحبه. قال شعرا :
أحقّا عباد الله أن لست لاقيا |
|
بثينة أو تلقى الثّريّا رقيبها؟! |
والمعنى لست لاقيها أبدا ، لأنّ هذا لا يكون أبدا ، وكيف يلقيان وأحدهما إذا كان في المغرب كان الآخر في المشرق؟ وقال :
قدورهم تغلي أمام قبابهم |
|
إذا ما الثّريا غاب قصرا رقيبها |
فمراقبة الأبراج للأبراج والمنازل للمنازل ، على ما ذكرناه ، ومن هذه البروج ما يشاكل اسمه صورته كالعقرب والحوت ، ومنها ما لا يشاكل اسمه صورته ، والبروج الاثنا عشر سمّي بعضها بأسماء. فالحمل يسمّى : الكبش ، والجوزاء : التّوأمين ، والسّنبلة : العذراء ، والعقرب : الصّورة ، والقوس : الرّامي ، والحوت : السّمكة. ويسمّى أيضا الرّشاء ، ولكلّ برج منزلان وثلاثة من منازل القمر ، حتّى يستوفيها. فالحمل رقيبه الميزان ، والثّور رقيبه العقرب ، والجوزاء رقيبه القوس ، والسّرطان رقيبه الجدي ، والأسد رقيبه الدّلو ، والسّنبلة رقيبه الحوت.
والمطالعة هو أن يطلع نجمان معا ، أو متقاربين ، ولا يكون ذلك في نجوم الآخذ ولا يطلع نجمان منها معا ، ولكن يكون في غيرها ، وفيها مع غيرها وذلك كمطالعة الثريا بالعيّوق ولذلك يقول شاعرهم :
فإن صديا والمدامة ما مشى |
|
لكالنّجم والعيّوق ما طلعا معا |
ومطالعة الشّعرى الغميصاء الشّعرى العبور ، ومطالعة الأعزل للرّامح ، ومطالعة النّسر الطّائر للعنا ، ومطالعة الجبهة سهيلا ، فإن كلّ نجم إذا طلع معه الآخر أو قريبا.
وأنشد أبو العباس أحمد بن يحيى :
وصاحب المقدار والرّديف |
|
أفنى الوفا بعد ألوف |
الرّديف النّجم الذي إذا نأى من المشرق انغمس رقيبه في المغرب ، وإنما يعني أن تعاقب النّجوم على مرّ الدّهور ولا يبقى أحد.