رِجالٌ) [سورة الأعراف ، الآية : ٤٦] ، ولا يمتنع أن يكون عرفة وعرفات مشتقا من جميع ذلك والتّعريف : الوقوف بعرفات ، وتعظيم يوم عرفة إن نصب الضالة فتنادي عليه وإن سمّيت رجلا بعرفات صرفته ، ولم يكن التاء فيه كالتاء من عرفة لو سمّيت بها ، وذلك أنّ التاء من عرفات بإزاء النّون في المسلمين ، إذ كان هذا الجمع من المؤنث بإزاء جمع المذكّر الصّحيح ، ولذلك لمّا كان ذاك في موضع النّصب والجر بالياء ، جعل هذا في موضع النّصب والجر بالكسرة ، لأنّ الكسرة أخت الياء ، فلمّا كان الأمر على ذلك لم يكن كالتّاء التي يبدل منها في الوقف هاء كالتي في طلحة وعزّة ، وكان يمتنع الصّرف في المعرفة. وفي القرآن : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٩٨] فصرفه وإن كان معرفة.
ومشاعر الحجّ واحدها مشعر وهو في موضع المنسك ، وكذلك الشّعيرة من شعائر الحجّ ، وهي علاماته وأفعاله المختصة به ، كالسّعي والطّواف والحلق والذّبح ، وكلّ ذلك يجوز أن يكون من شعرت ، وليت شعري ، فيرجع إلى العلم كما أنّ عرفة وعرفات في تصاريفه يرجع إلى المعرفة ، وفي القرآن : (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) [سورة الحج ، الآية : ٣٦] وقال الخليل : يقال : أشعرت هذه البدنة لله نسكا أي : جعلتها شعيرة تهدى ، قال : وقال بعضهم : إشعارها أن يوجأ سنامها بسكّين فيسيل الدّم على جنبها فيعلم أنّها هدي. أو يعلّم بعلامة تشدّ في سنامها. وكره قوم من الفقهاء تدميتها ، وقالوا : إذا قلّدت فقد أشعرت.
وقوله تعالى : (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) [سورة التوبة ، الآية : ٣] قيل : هو يوم النّحر ، وقيل : هو يوم عرفة وكانوا يسمّون العمرة : الحج الأصغر.
ويوم النّحر : سمّي به لأنّهم كانوا ينحرون البدن.
ويوم القر : بعده ، وهو الذي يسميه العامة يوم الرّءوس ، وسمّي بذلك لأنّ الناس يستقرون فيه بمنى لا يبرحونها.
ويوم النفر : سمّي به لأنّ النّاس ينفرون فيه متعجلين.
ويقال : عيد الفطر ، وعيد الإفطار ، وعيد الضّحى والعيد أصله من عاد يعود لعوده كلّ سنة ، لكن واوه انقلبت ياء لانكسار ما قبلها ، ثم جعل البدل لازما حتى كأنّه اسم وضع لليوم ، لا مناسبة بينه وبين المشتق منه ، وهم يفعلون مثل هذا إذا أرادوا التّخصيص ، لذلك قيل في تصغيره : عييد ، وفي جمعه : أعياد ولم يجر مجرى قوله : ريح ورويحة وأرواح ،