ومما يشبه هذا قوله : يا دارميّة بالعلياء فالسّند هو من العلو ، فقلب الواو ياء ، وقوله : فما أمّ خشف بالعلاية مشدن. مثله وليس قبل واحد منهما ما يوجب القلب ، لكنهم يفعلون ذلك كثيرا في الأعلام وما يجري مجراها ، وقد قالوا : الشكاية وحبيت الخراج حباوة ونحو منها ، ما حكاه سيبويه من القواية قال عمرو بن براقة :
ومال بأصحاب الكرى عالياتها |
|
فإنّي على أمر القواية حازم |
وهو فعالة من القوة ، وأصلها قواوة وكأنّه كره اكتناف الواوين للألف.
والأضحى ، إذا ذكّر : يراد به اليوم ، وإذا أنّث أريد به السّاعة ، والتأنيث أجود. ويقال : دنت الأضحى ، وقيل : سمّيت الأضحية لأنها تذبح ضحوة.
والفطر : من فطرت النّاقة إذا حلبتها فانفتحت رءوس أخلافها لأنّ الأفواه تنفتح بالأكل والشّرب ، ويقال : أضحاة وأضحى وضحية وضحايا والأضحى يذكّر ويؤنّث ، فمن ذكّر ذهب إلى اليوم ، وأنشد الأصمعي :
رأيتكم بني الحدواء لمّا |
|
دنا الأضحى وصلّلت اللّحام |
وأنشد الثوريّ في تأنيثه :
قد جاءت الأضحى وما لي فلس |
|
وقد خشيت أن تسيل النّفس |
وقال هشام بن معاوية : حكى الأصمعيّ : أضحاة وسمّي الأضحى بجمع أضحاة فأنّث لهذا المعنى وجاء في الحديث : «على كلّ مسلم عتيرة وأضحاة». وقال هشام : التأنيث في الأضحى أكثر من التّذكير ، وجمع الأضحية أضاحي ، وجمع الضّحية ضحايا.
وأيّام التّشريق سمّيت بذلك لأن لحوم الأضاحي تشرق للشّمس ، وقيل : بل سمّيت بذلك لقولهم : أشرق ثبير كيما نغير ، وقال ابن الأعرابي : سميت بذلك لأنّ الهدي لا ينحر حتى تشرق الشّمس.
وقال أحمد بن يحيى : أنا أذهب إلى أنّ الأيام المعلومات في الأيام المعدودات لأنه جاء في كتاب الله تعالى : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) [سورة الحج ، الآية : ٢٨] فدلّ على أنّها أيام نحر.
ويوم عاشوراء في المحرّم ، ويقول الفقهاء : يوم عاشوراء التّاسع من المحرم ، وحكى بعضهم أنّه سئل النّضر بن شميل عن التّشريق ، فقال : هو من قولهم أشرق ثبير : أي لتطلع الشّمس ، وقيل : أيام التّشريق : لأنّهم يشرقون اللّحم ، قال : فقلت له : إنّ وكيعا حدّثنا عن