شعبة عن سيار عن الشّعبي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا ذبح إلّا بعد التّشريق» فقال وكيع : التّشريق الصلاة ، قال : هذا حسن. قال النّضر : وقد جاء في الحديث : «لا جمعة ولا تشريق إلّا في مصر جامع» ، والتّفسير موافق للحديث ، فأما قول أبي ذؤيب بصفا المشرّق كلّ يوم يقرع. فقد حكى عن أبي عمرو الشّيباني أنّه أنشد بصفا المشقّر فأنكره ، وقال : المشقّر حصن بالبحرين ، والصّفا موضع ، فما لأبي ذؤيب والبحرين ، إنّما هو المشرّق ، وكان ابن الأعرابي يرويه المشقّر ، وحكي عن الأصمعي أنّه أنشد كلّ يوم ، فقال الله أكرم من ذاك هو : كلّ حين. ذهب الأصمعيّ إلى أنّ الحج يقال : كلّ سنة لا كلّ يوم ، والحين يقع في كلامهم على المدة الطويلة والسّنين الكثيرة. وقال الأصمعي : المشرّق المصلّى ، ومسجد الخيف هو المشرّق. وقال شعبة بن الحجّاج : خرجت أقود سماك بن حرب في يوم عيد ، فقال : امض بنا إلى المشرّق يعني المصلّى. وقيل : يعني مسجد العيدين ، وقال أبو عبيدة : المشرّق سوق الطائف ، وقال الباهلي : جبل البرام.
بيان الصلاة الوسطى :
فأما الصلاة الوسطى : فقد اختلفوا فيها : فروي عن عليّ كرّم الله وجهه أنّه الفجر ، وقال غيره : هي العصر ، وقد جاء القرآن في توكيد أمر الفجر بما يصحح قول عليّ فيه ، قال تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) [سورة الإسراء ، الآية : ٧٨] وكلتا الصّلاتين متوسطة لسائر الصّلوات ، فإذا جعلت صلاة الفجر الوسطى فهي بين صلوات اللّيل والنهار والنّهار : الظّهر والعصر ، واللّيل العشاء أن الأولى والآخرة. وإذا جعلت العصر هي الوسطى : فهي متوسّطة بين الفجر والظّهر من صلاة النّهار. والعشاءين الأولى والآخرة من صلوات اللّيل ، وقوله تعالى : (الصَّلاةِ الْوُسْطى) [سورة البقرة ، الآية : ٢٣٨] مؤكد للدلالة على أنّ الصلوات المفروضات خمس ، لا زيادة فيها ، ويزيل التّأويل فيما ذهب إليه بعض المتفقهة من فرض الوتر ، بالخبر المرويّ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله زادكم صلاة وهي الوتر» وقد يزيد الله النّاس مما يدعوهم إليه من أعمال البر مما هو فضيلة لفاعله ، ونافلة للمتقرّب به ولا يكون في قوله : «زادكم صلاة» ما يوجب الفرض ، ولو كان الوتر فريضة لكانت عدة الصلاة المفروضات ستا ، والسّتّ لا أوسط لها ، ولا وسطى ، وإنّما الوسط للإفراد ، لأنّها تكون منها واسطة وحاشيتان متساويتان ، كالخمس فإنّها اثنان في أحد الطّرفين ، واثنان في الآخر ، وواحد في الوسط ، ويجوز أنّ يكون معنى الوسطى : العظمى والكبرى ، يراد بذلك فضل محلّها ، وزيادة ثوابها والله أعلم أيّ الوجهين هو المراد. وقوله تعالى : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ) [سورة البقرة ، الآية : ١٩٤] يقول : حرمة الشّهر تجب على الفريقين في الكفّ عن