قولك أوان ، وقد يضم معناها وهو في حكم المعرفة بها استحق البناء ، ثم عوّضت منها التّنوين كما فعلت ذلك بقولك : حينئذ وساعتئذ وفارق قولك : أوان الغايات ، لأن الغايات مضافة إلى المفردات في التقدير ، وأوان مضافة إلى جملة فهو كاسم حذف بعضه وبقي بعضه وقد عوّض مما حذف فيه والغايات لم يؤت فيها بما يكون عوضا ، ونيّة الإضافة فيه أقوى إذا كانت إلى المفرد لا إلى الجملة ، واختيرت الكسرة في أوان لما بني لالتقاء السّاكنين.
وذكر بعض الكوفيين أنّ لات جارت لأوان بمنزلة حرف من حروف الخفض ، ولو كان كذلك لفعل به مثل ذلك في قوله تعالى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [سورة ص ، الآية : ٣].
وأما إذ وإذا فهما اسمان مبهمان. فإذ لما مضى وإذا للمستقبل ، فهما كالأسماء النّاقصة المحتاجة إلى الصّلات ، لأنّ الأسماء موضوعها أن تدلّ على مسمياتها في الأصل ، فإذا صار بعضها لا يدلّ بنفسه على ما هو المطلوب منه واحتاج إلى ما يكشفه ، ويوضح معناه حلّ بما بعده من تمامه محلّ الاسم الواحد ، وصار هو بنفسه كبعض الاسم ، وبعض الاسم مبنيّ. فإذ يوضح بالابتداء والخبر ، والفعل والفاعل تقول : جئتك إذ قام زيد ، وإذ زيد قام ، وإذ يقوم زيد وإذ زيد يقوم ، فإذا كان الفعل مستقبلا حسن تقديمه وتأخيره. وإذا كان ماضيا قبح التأخير ، لا يقولون : جئتك إذ زيد قام ، إلا مستكرها من قبل ، أنّ إذ للماضي ، فإذا كان في الكلام فعل ماض اختير إيلاؤه إيّاه لمطابقتهما ومشاكلة معناهما. وإذ عند أصحابنا اسم مضاف إلى موضع الجملة التي بعدها ، ولا يجازي بها ، لأنها مقصورة على وقت بعينه ماض.
وإذا من أسماء الزّمان أيضا ويقع بعدها الأفعال المستقبلة ، وهي موضحة بما بعدها كما كانت إذ غير أنها لا يليها إلا الأفعال مظهرة كانت ، أو مضمرة كقولك : أجيئك إذا قام زيد ، يعني الوقت الذي يقوم فيه ، وفيها معنى المجازاة فلذلك لا يقع بعدها إلا الأفعال.
فإذا رأيت الاسم بعدها مرفوعا فعلى تقدير فعل قبله ، لأنّه لا يكون بعده الابتداء والخبر وإنّما لم يجازيها لأنّها تقع محدودة ، والمجازاة معتودة على أنّها يجوز أن يكون وألّا يكون تقول أجيئك إذا احمرّ البسر ، ولا يجوز أن تقول : إن احمر البسر ، فلمّا كان إذا لوقت معلوم لم يجاز بها ، وإن كان فيها معنى المجازاة ، إلا أن يضطر شاعر قال الفرزدق :
ترفع لي خندق والله يرفعنا |
|
نار إذا ما خبت نار لهم تقد |
ومعنى المجازاة : أنّ جوابها يقع عند الوقت الواقع كما يقع المجازاة عند وقوع الشّرط. ولإذا موضع آخر يكون فيه اسما لمكان وذاك من ظروفه وسيجيء الكلام فيه في الباب الذي يليه.