مِنْكُمْ) [سورة الأنفال ، الآية : ٤٢] أي في مكان أقرب أو أسفل ويقول : هو منّي قدر أن تناوله يدي ، وفوق أن يناوله يدي ، وبعضهم يرفعه والوجه النّصب وعلى هذا قوله شعرا :
وقد جعلتني من خريمة إصبعا |
|
ويقول : لقيته من قبل قبل |
على التّكرير ، غاية ولقيته من قبل قبل تضيف الأوّل ولا تضف الثّاني ، والنّية في الإضافة أن تكون إلى نكرة ، وإن كانت النّكرة في مثل هذا المكان تفيد فائدة المعارف ، بدلالة قوله آتيك غدا ، لأنّه نكرة كالمعرفة ، وقبل الذي لم تضفه معرفة لكونه غاية بما ضمّن ، وهو في حكم البدل من قبل الأوّل ، لأنّ إبدال المعرفة من النّكرة هو الأصل ، وإن شئت قلت لقيته من قبل قبل ، تنوي الإضافة فيهما على ما بيّنته. ومثله قولهم : من وراء وراء في الوجوه كلّها. وقد ذكر سيبويه في قولهم : من عل أنّه مضارع لقولهم : من عل لأنّهما لمّا وقعا لمعنى واحد على تقديرين مختلفين سمّاه مضارعه ، فأمّا قوله : وقد علاك مشيب حين لا حين ، فالمراد حين غير حين أي جاء المشيب في غير أوانه ، فأدخل النّفي على حدّ ما كان موجبا.
فصل
في قوله تعالى : (ما ذا قالَ آنِفاً) [سورة محمد ، الآية : ١٦] وفي أحرف سواه يكثر البلوى به.
قال أبو زيد : يقال : ائتنفت الكلام ايتنافا وابتدأته ابتداء أو هما واحد ، وأنشد :
وجدنا آل مرّة حين خفنا |
|
جريرتنا هم الأنف الكراما |
ويسرح جارهم من حيث أمسى |
|
كأنّ عليه مؤتنفا حراما |
قال السّكري : الأنف : الذين يأنفون من احتمال الضيم. قال شيخنا أبو علي : فإذا كان كذا فقد جمع فعلا على فعل ، لأن واحد أنف أنف بدلالة قوله :
وحمّال المئين إذا ألمّت |
|
بنا الحدثان والأنف النّصور |
ووجه هذا أنّه شبّه الصّفة بالاسم ، فكسّرها تكسيره ، فقالوا في جمع نمر : نمر وأنشد سيبويه : فيها عياسل أسود ونمر. وليس الأنف والأنف في البيتين ممّا في الآية في شيء ، لأنّ ما في الشّعر من الأنف ، وما في الآية في معنى الابتداء ولم يسمع أنف في معنى ابتداء وإن كان القياس يوجبه.
وقد يجيء اسم الفاعل على ما لم يستعمل من الفعل نحو : فقير جاء عن فقر والمستعمل افتقر. وكذلك شديد ، والمستعمل اشتدّ ، فكذلك قولك آنفا والمستعمل ائتنف ،