أن يكون لما أسندت الحوادث إليه لاعتقادهم به الجالب لها والسّابق سمّي مسندا ، وكان يجب أن يقال : المسند إليه فحذف إليه تخفيفا. ومن أسمائه : عوض ، يقال : لا أفعله عوض العائضين ودهر الدّاهرين ، قال الأعشى :
ضيعي لبان ثدي أم تقاسما |
|
بأسحم داج عوض لا يتفرّق |
و (عوض لا يتفرق) يفتح ويضم ، وقد جاء عوض كلمة يقسم بها يقال : عوض لا يكون ذلك أبدا. وروي بيت الأعشى : (بأسحم داجي العوض) وفسّر على أنّ عوض كلّ شيء جوفه. ويستعمل في الزّمان ، فيقال : عوض اللّيل أي مثناه.
وحكى بعضهم أنّ عوض اسم للضمّ وأنشد : (حلفت بمائرات حول عوض) وقال بعضهم : يجوز أنّ استعمالهم إيّاه في القسم من حيث كان في الأصل اسما للضم ، فأمّا استحقاقه للبناء فمن حيث كان متضمنا معنى لام التّعريف ، فمن فتحه فلأنّ الفتح أخفّ الحركات ، ومن ضمّه فلأنّه شبّه بقبل وبعد.
قال الشّيخ : ويجوز أن يكون عوض في الأصل مصدر عاضه يعوضه عوضا وعياضا. وجعل اسما للزّمان ، والمعنى ما عوض الدّهر النّاس من أيّامه لأنّ الدّهر ليل ونهار يتعاقبان ويتعوّضان ، والعوض والعياض والعوض البدل ، ويقال : هو عوض لك وعياض لك أي عوض.
والمصادر تقام مقام أسماء الفاعلين والمفعولين. ومعنى العائضين النّاس المقيمون في العوض فأمّا قوله : وهل عائض منّي وإن جلّ عائض. فالمراد به هل معط للعوض منّي بمعط وإن جلّ أمره وعظم شأنه. والمعنى لا يفي عوض من الأعواض بي وإن جلّ ، لأني أكون أفضل من كلّ عوض. ويقال : عضته كذا فاعتاضه ، كما يقال : وهبت له كذا فاتهبه ، وقضيته الدّين فاقتضاه ، وعلى هذا قيل في الشيء : هذا لا يعتاض منه ، وأنشد صاحب العين شعرا :
يا ليل أسقاك البريض الوامض |
|
والدّيم الغادية الفضافض |
هل لك والعارض منك عائض |
|
في هجمة يعذر منها القابض |
سدس وربع تحتها فرائض |
أي هل لك في العارض منك على الفضل ، قال : كان من قصته أنّ رجلا خطب ليلى ، فقال : أعطيك مائة من الإبل يدع السّائق منها إذا ساقها بعضا لكثرتها فلا يطيق شلّها وأنا معارضك ، أي معطيك الإبل مهرا ، وأنا آخذ نفسك ، فأنا عائض قد عضت أي صار العوض كلّه لي ، فالفضل في يدي. ومنه قولهم : لا أفعله يد الدّهر ، وجدى الدّهر ، فمعنى يد الدّهر