أي ما كان للدّهر يد أي حكم ، كما تقول : لفلان في هذا يد أي ملك وأمر ، ومعنى جدى : أي ما كان للدّهر جدى أي عطية.
ومن أسمائه الأبض وقال : في سلوة عشنا بذاك أبضا. أي دهرا. وقال بعضهم : الأبض في الأصل جمع أباض ، ويخفّف ويثقّل : وهو الحبل يعقل به البعير فإذا قلت لا أفعله أبضا. فالمعنى ما كان للدّهر سبب. قال الشيخ : أقرب من هذا أن يكون من الأبض وهو العقل والشّد كان المراد في زمان عقد علينا لا انفكاك منه. ويكون الأبض في أنه مصدر ، والأبض في أنه المأبوض كالسّد والسّدة والعقد والعقدة. ويجوز أن يكون سمّي بذلك لأنّه يضعف ويقيد بالهرم ، ويقال للدّابة والطّير إذا أصابه عقال فلم يسلس : إنه لموتبض النّسا وأبوض النّسا. قال :
وظلّ غراب البين مؤتبض النّسا |
|
له في ديار الجارتين نعيق |
وقال أبوض النّسا بالمسمين خسوف ، ولا أقبله ما اختلف الجرّة والدّرّة أي أبدا ، لأنّ الدّرة إلى أسفل ، والجرّة إلى فوق.
ومنه : الأبد والأبيد. ويقال : لا أقبله أبدا لأبيد ، وأبد الآباد ، وأبد الآبدين وأبد الأبد ، وأبد الأبديّة ، والمعنى إقامة الدّهر ومكثه ، والإضافة فيه على طريق التأكيد. والأبد المقيم الّذي لا يبرح ، وأوابد الشّعر ، سمّيت أوابد لبقائها على مرّ الأيّام وأنشد شعرا :
صار لطول الدّهر من آباده |
|
كمهرق لم يبق من مداده |
غير بقايا نونه وصاده قولك : أبد الآباد كقولك : دهر الدّهور ، وأبد الآبدين ، كدهر الدّاهرين أي دهر النّاس المقيمين في الدّهر ، وأبد الآبد كدهر الدّاهر ، ومن أمثالهم أتى أبد على لبد للشيء ، وقد مضى وانقطع ، ولبد اسم لنسر لقمان.
ومن أسمائه : الطّيل والطّول قال : وإن بليت وإن طالت بك الطّيل.
ويروى الطّول ، وإنما أخذ من الطّول ، ويقال : لا أكلّمك طول الدهر ، وإنّما أنّث الشّاعر الطيل ردا على المعنى ، كما يؤنث الألف إذا أريد به المعدودة.
ومن أسمائه : المنون ، وهو من مننت أي قطعت ويقال : حبل منين : أي مقطوع ، قال أبو ذؤيب :
أمن المنون وريبة تتوجّع |
|
والدّهر ليس بمعتب من يجزع |
فإن قيل : ما باله ذكّر المنون وهو والمنية سواء ، وأنت إذا رويتها وريبها قلت : أنّثه