لأنّه أريد المنية. قلت : المنون ويراد به الدّهر يشبه أسماء الأجناس ولذلك لا يجمع ، وكما لم يجمع لم يؤنّث أيضا ، وإذا أريد به المنيّة أشبه اسم الفاعل فأجري مجراه في التأنيث به لمعناه ، ويقال : ما فعلته قط.
قال ابن السّكيت : فيه ثلاث (لغات : قطّ بالفتح والتّشديد وضم القاف والتّشديد وفتح القاف وتخفيف الطّاء إذا كان بمعنى الدّهر. وإذا كان بمعنى حسب فهي مفتوحة ساكنة وأصله من قططت أي : قطعت والمعنى ما فعلته قطع دهري كلّه ، وأبدا في المستقبل : بمعنى قط في الماضي. ويقال : لا أفعل كذا ما سمّي ابنا سمير ، يعني اللّيل والنّهار ، ولا أفعله ما سمر السّمير ، وهم النّاس يسمرون باللّيل وما اختلف ابنا سمير ، ولا أفعله السّمر والقمر أي أبدا. وحكي : جاء بالسّمر والقمر أبو سعيد وقال : معناه بالنّور والظّلمة ، كما يقال : جاء بالضّيح والرّيح ، ويقال : السّمير الدّهر ، وابناه اللّيل والنهار. وقيل : الغدوة والعشي. وقيل في السّمر : إنّه ظلّ القمر فضم النّهار إلى اللّيل. وقيل : السّمر الظلمة والمقيم فيه سامر. ومنه السّامرة والسمر : حديث القوم باللّيل.
وقالوا : لا أفعله حرى وحارى دهر وحيرى دهر ، بتسكين الياء. والمعنى ما حار الدّهر : أي رجع ، ويجوز أن يكون من حار الدّهر يحير : أي أقام ، ويقال : حيروا بهذا الموضع ، أي أقيموا. قال بعضهم : ومنه سمّيت الحياة. وحكي حير الدّهر جمع حيرى ، كما قيل : زنجي وزنج ، وعربي وعرب.
ويقال : لا آتيك سجيس عجيس ، أي الدّهر ، قد يصرف فيقال : عجيس أي الدّهر ، فقوله : عجيس يجوز أن يكون من عجسه أي قبضه وحبسه ، ومنه معجس القوس أي مقبضه ، وعجاساء اللّيل : ظلمته ، لأنّها تحبس النّاس ويكون المعنى ما بقي الدّهر وحبس على أهله. ويجوز أن يكون من عجس اللّيل وعجيسه أي آخره ، ومنه تعجس عن القتال وعجس : أي تأخّر فيكون المعنى : آخر الدّهر. وسجيس فعيل ويفيد الامتداد على حاله ، وسج وسجسج وسجس في طريق. وفي الحديث : «نهار أهل الجنة سجسج» أي معتدل متّصل لا آفة فيه. وقال الأعشى:
قيس سجسج ساب إذا هبطت |
|
به السّهل وفي الحزن مرجلا عجلا |
قال أبو عبيدة : السّجسج : اللّين المروّض ، والسّاب من الأرض مسائل صغار ، وكذلك السّيب ، وروى أبو عمرو الشّيباني سجسا مسجا : إذا هبطت ، وقال : السّجس السلس المنقاد لا يتغيّر ، والمعنى : أنّ هذا البعير إذا سار في السّهل امتدّ في السّير على حاله وهو في الحزن مرجل ، أي رجيل قوي المشي. ويروى مرجما ومرجلا ، فعلى هذا جعل