سجيس الدّهر لامتداده وسلاسته في الاتّصال والاستمرار. ومن قال : سجيس عجيس : جعل الأول مع الثّاني كالشيء الواحد وبناءهما لتضمّن معنى حرف الجر ، كان الأصل سجيسا لعجيس ، فحذف حرف الجر وضمن الأوّل والثّاني معناه ، ومن أضاف الأوّل إلى الثّاني كان أمره ظاهرا وقالوا : لا أكلمك آخر الأوجس ، وسجيس الأوجس ، أي آخر الدهر ، وسجيس اللّيالي. قال تأبّط شرا :
هنالك لا أرجو حياة تسرّني |
|
سجيس اللّيالي مسبلا بالجراير |
أي ما اتّصل اللّيالي وانقادت على حالة. والأوجس : جمع وجس وهو ما يحصل في النّفس من ذعر وفزع لصوت أو حركة ، ومنه ترجس الوحشى ، وفي القرآن : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) [سورة طه ، الآية : ٦٧] فكأنّه سمّي الزّمان بالحوادث المفزعة فيه أو جعل إقطاع الزّمن يجس ويحدث بمنكرات الأمور حالا بعد حال.
وذكر بعضهم الحوب في أسماء الدّهر ، قال : يجمع على أحوب وأحواب وحوبة كما قالوا : عصر وعصرة ، ودهر ودهرة ، وغصن وغصنة ، وقرد وقردة وكأنّه من الشّدة والعظم لأنّ الحوب الاثم الكبير ، ويقال : يحوب الصّائح إذا اشتدّ صياحه. قال الخليل : الحوبا روح القلب ، لأنّه ملاك الحي.
ومن أسماء الدّهر : المخبل ، والتّخبيل الزّمانة ، والخبل الفساد ويقال : خبل خابل. قال : فأبلغ سليط اللّوم خبلا خابلا. فالخابل المفسد ، وإنمّا سمّي الدّهر مخبلا ، لأنّه إمّا يهرم ، وإمّا يقتل. قال الحارث بن حلّزة :
فضعي قناعك إنّ ريب مخبل أفنى معدا
ويقال : لا أفعله سنّ الخبل : أي دوامه وبقاؤه ، لأنّ سنّه من لحيه وليس بمركب فيه ، فلا يسقط ، ولا أفعله مالات العفراء بأذنابها ، ويقال : الفور وهي الظّباء وما مصع الظبي بذنبه ، وقال الأصمعي : الفور لا واحد له من لفظه ، ولا أفعله ما جنح ابن أنان ، ويقال : لقيته أول ذات يدين أي أول شيء ، وأما أوّل ذات يدين : فإنّي أحمد الله ، وآثر ذي يدين ، وذوات يدين أي أول ما يأذن.
والفطحل : يقال للزّمن القديم قال أبو عمر نوح زمن الفطحل ، ويقولون : حين كانت الحجارة رطبة وقد مضى ذكره.
ولا آتيك هبيرة بن سعد وأبوه ابن هبيرة : أي أبدا ، وقال الأصمعي : يقال في مقابلة أغببت الزّيارة ، اغتمّت الزّيارة بالغين المعجمة ، أي : أكثرت ، قال : وقالوا كان العجّاج يغتم