يمتنع أن يكون جمعه على ما حوله من الأوقات كما قالوا : ضخم العشاءين ، وكما أنّهم يقصدونه بما حوله من الأوقات فيجمعونه كذلك يقصدونه مجردا من غيره فيقولون : جئته ذات العشاء ، يريدون السّاعة التي فيها العشاء لا غير ، وهذا حسن ، ويقال مسى خامسة وممسى خامسة ، ومساء خامسة ، ومسيان أمس ، ومسى أمس وجئته صبح خامسة ومصبح خامسة ، وآتيك ممسى اللّيلة أي عند المساء قال :
يا راكبا إنّ الأثيل مظنة |
|
من صبح خامسة وأنت موفّق |
وحكى يعقوب : لقيته بالضّمير وهو غروب الشّمس من قوله :
ترانا إذا أضمرتك البلاد |
|
يخفى ويقطع منّا الرحم |
ومن قول الآخر : أعين لابن ميّة أو ضمار.
ويقال : جئته مرمض البحير ، وهو من قولهم : رمضت الغنم رمضا : إذا رعت في شدّة الحر فتحين رئاتها وأكبادها فتقرح ، ورمض الرّجل أحرقته الرّمضاء ، وهم يرمضون الظّباء أي يأتونها في كنسها في الظّهيرة فيسوقونها حتى تفسح قوائمها فتصاد. وفي الحديث : «صلها إذا رمضت الفصال» وهو وقت تقوم من مواضعها لتؤذيها بالحر. ويقال : فعلته عند متضيّف الشّمس للغروب.
وفي الحديث : «يؤخّرون الصّلاة إلى شرق الموتى» وفسّر على أنّه إذا ارتفعت الشّمس عن الحيطان وصارت بين القبور كأنها لجة وقيل : هو أن يمصّ الإنسان بريقه عند الموت كأنّه يريد لا يبقى من النّهار إلا مقدار ما بقي من نفس ذلك. ويقال : أتيته بشفا أي بشيء قليل من ضوء الشّمس. قال الرّاجز :
أشرقته بلا شفاء أو بشفا |
|
والشّمس قد كادت تكون دنفا |
وحكى ثعلب عن ابن الأعرابي : القصر بعد العصر ، والقصر أيضا فإذا كان بعد ساعة فهو الظّهيرة ، فإذا كان بعد ذلك فهو الأصيل ، فإذا كان بعد ساعة وهو الطّفل فإذا كان بعد ذلك فهو العرج (١) (حتّى إذا ما الشّمس همّت بعرج) و (التّضمير) الدّخول في الضّمير ، يقال : ضمرنا وأضمرنا وضمّرنا وقصرنا وأقصرنا ، وقصّرنا ، وعرجنا وأعرجنا وعرّجنا فإذا كان بعد ذلك فهو التّضيف. فإذا كان بعد ذلك فهو الشّفق وهو الأحمر ، فإذا غابت الشّمس وظهر البياض في تلك الحمرة فهو الملث ، فإذا اسودّت الدّنيا قليلا فهو المقسورة. فإذ اسودّ أشد من ذلك فهي الفحمة ، فإذا جاءت العتمة فهي العتم.
__________________
(١) في القاموس العرج محركة غيبوبة الشّمس ـ القاضي محمد شريف الدين.