وذكر الدّريدي الرّيم من آخر النّهار واختلاط الظلمة ، وهذا يجوز أن يكون من ريم الجزور ، لأنّه آخر ما يبقى منه ويأخذه الجارز. قال :
وكنت كعظم الرّيم لم يدر جازرا
وحكى ابن الأعرابي : انصرفوا برياح من العشي ، وأرواح من العشي إذا انصرفوا وعليهم بقية من النّهار وأنشد لرفيع الوالبي الأسدي :
ولقد رأيتك بالقوادم نظرة |
|
وعليّ من سدف العشيّ رياح |
وبيان هذا الذي قاله أنه يقال : هبّت لفلان ريح الدّولة ، والسّلطان فكان المراد : وانصرفوا وللعشي سلطان. فأمّا الشّاعر فإنّه جعل السّدف كناية عن الشّباب والسّواد بدلالة أنّه قال بعد هذا البيت :
خلق الحوادث لمتي فتركن لي |
|
رأسا يصلّ كأنّه جماح |
وقال بعض أصحاب المعاني : يقال : إني على بقية من رياح : أي أريحيّة ونشاط وهذا يقرب ما قلنا.
و (فواق) من الزّمان مقدار ما بين الحلبتين وفي القرآن : (ما لَها مِنْ فَواقٍ) [سورة ص ، الآية : ١٥].
والصّريم : يقع على اللّيل والنّهار لأنّ كلّ واحد يتصرّم عن صاحبه وقوله تعالى : (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) [سورة القلم ، الآية : ٢٠] قيل : كاللّيل المظلم وقيل : كالنّهار أي لا شيء فيها كما يقال سواد الأرض وبياضها ، فالسّواد الغامر ، والبياض الغامر ، وقيل : كالصّريم : أي المصروم المقطوع ما فيه ويقال : ما رأيته في أديم نهار ولا سواد ليل.
ويقال : ابتلجا ببلجة وبلجة وذلك قبل الفجر ، وقد تبلج الصّبح. وفي المثل : تبلج الصّبح لذي عينين. وانبلج أيضا. أبو زيد يقال : انتصف النّهار ولم يعرفوا الأنصاف ، وقد أباه الأصمعي ، وقال : لا يقال الأنصف ، وأنشد للمسيّب بن علبس شعرا :
يمدّ إليها جيده رمية الضّحى |
|
كهزّك بالكفّ البري المدوّما |
يعني بالبري القدح إذا سوى ولم يرش وتدويمه ثباته في الأرض.
وحكى الفرّاء عن المفضل قال : آخر يوم من الشّهر يسمّى ابن جمير بضمّ الجيم ، وقال ابن الأعرابي : هو ابن جمير بالفتح ، قال الفرّاء وأنشدنا المفضّل :
وإن أغاروا فلم يحلوا بطائلة |
|
في ظلمة من جمير ساوروا العظما |