وإلزام حمده ببقاء الزّمان متّصل قوله تعالى : (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [سورة الروم ، الآية : ١٨] يريد به في أهل السّماوات والأرض ، فهو على حذف المضاف كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) والمراد أهلها ، والمعنى أنه محمود في كلّ مكان وبكلّ لسان.
وذكر بعض المفسرين أنّ قوله : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ) [سورة الروم ، الآية : ١٧] الآية دالّة على أوقات الصلاة ، وهذا سائغ وإن كانت الفوائد فيما ذكرناه أعمّ وقد قال الله تعالى في موضع آخر : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) [سورة الإسراء ، الآية : ٧٨] الآية ، منبها على أوقات الصلاة مجملا ، وتاركا تفصيلها وبيانها للنبي صلىاللهعليهوسلم ، والدّلوك مختلف فيه فمنهم من يجعله الزّوال ومنهم من يجعله الغروب ، وهذا كما اختلفوا في الآية الأخرى وهي : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) [سورة البقرة ، الآية : ٢٣٨] ، فمنهم من قال : أراد بالوسطى العصر ، ومنهم من قال : أراد بها الفجر ويجوز أن يكون المفروض بقوله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) [سورة الإسراء ، الآية : ٧٨] أربع صلوات في النّهار صلاتان : الظهر والعصر ، وفي اللّيل صلاتان : المغرب والعشاء الآخرة.
وقوله تعالى : (كانَ مَشْهُوداً) [سورة الإسراء ، الآية : ٧٨] أي يشهده الملائكة ، ويجوز أن يكون المراد حقه أن يشهد ، والغسق الظّلمة. فأما اختصاص السّماوات والأرض بالذّكر من بين الأشياء كلّها فلشمولها لكل مخلوق ، ومثله قوله تعالى : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) [سورة الأنعام ، الآية : ٣] والمعنى وهو الذي يحق له العبادة ، وإذا كان كذلك فكلّ مذكور معلوم داخل فيهما ، ويكون قوله : (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) [سورة الأنعام ، الآية : ٣] خبرا ثانيا أي هو إله في الأرض كما هو إله في السّماء لا يخفى عليه خافية.
ويحتمل أن يكون المراد وهو الله في السّماوات أي هو معبود فيها ، وقد تم الكلام ويكون قوله : (وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) [سورة الأنعام ، الآية : ٣] على أنه خبر ثان ، والمراد أنه معبود في جميع ذلك عالم بالسر والجهر. وقيل في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) [سورة الزخرف ، الآية : ٨٤] أنّ الخلق يؤلهون إليه ـ أي يفزعون في الشدائد إليه مستعينين به (١) وأهل الأرض متساوون في حاجتهم إلى رحمته وجميل تفضله. فأما قوله: (فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) [سورة الزخرف ، الآية : ٨٤] فإله مشترك غير مخصوص وجاز فيه الجمع كما جاء : اجشاء الآلهة إلها واحدا.
وكما قال : اجشاء لنا إلها كما لهم آلهة وهو يعمل عمل الفعل ، ألا ترى أنّ قوله :
__________________
(١) كذا في الأصل ، والظاهر ، وأهل السّماء ، وأهل الأرض ١٢ الحسن النعماني.