بيتا. وقد حنأت الأرض تحنأ وهي حانية أي اخضرّت والتفّ نبتها وإذا أدبر وتغيّر نبتها قيل : اصحامت فهي مصحامة.
وقال أبو داود الأعرابي : تركنا بني فلان في ضفيغة من الضّفائغ وهي الكلأ والعشب الكثير.
ويقال : وعبنا رقة الطّريقة وهي الصّليان والنّصى. والرّقة أول خروج نبتها رطبا. وحكوا عن الينمة أنا الينمة أغبق الصّبي قبل العتمة وأكب الثّمال فوق الأكمة ، كهيئة زيد الغنم يقال : ثمال لبنها كثير ، وكلما كثرت رغوة اللّبن كان أطيب له ، يعني دري بعجل للصّبي لأن الصبي لأبصر والمراغي أطيب لبنا من المصاريح. والينمة بقلة يشبه الباذروج. وقيل لأعرابي : هل لك في البدو؟ فقال : أما ما دام السّعدان مستلقيا فلا قال ، وهو أبدا مستلق كره البادية.
وعن غير ابن الأعرابي قال : خرج الحجاج إلى ظهرنا هذا فلقي أعرابا وقد انحدروا في طلب الميرة ، فقال : كيف تركتم السّماء وراءكم؟ فقال : متكلمهم : أصابتنا السّماء هي بالمثل ، مثل القوائم حيث انقطع الرّمث يضرب فيه تفتير وهو على ذلك يعضد ويرسغ ثم أصابتنا سماء أمثل مهنا يسيل الدّماث ـ والتّلعة ـ الزّهيدة ـ القليلة الأخذ فلمّا كنّا حذاء الجفر أصابنا ضرس جود ملأ الآخاذ. واحدها أخذ وهي المصانع. فأقبل الحجّاج على زياد بن عمرو العتكي ، فقال : ما يقول هذا الأعرابي؟ قال : وما أنا وما يقول إنما أنا صاحب سيف ورمح. قال : بل أنت صاحب مجذاف وقلس أسج ، فجعل يفحص الثّرى ويقول : لقد رأيتني وإنّ المصعب يعطيني مائة ألف ، فها أنا أسبّح بين يدي الحجّاج.
قال : وسئل أعرابي عن المطر فقال : أصابتنا السّماء بدثٍ ، وهو المطر القليل لا يرضي الحاضر ويؤذي المسافر ـ ثم رككت ـ ثم رسغت ـ ثم أخذنا جار الضّبع فالأرض اليوم لو يقذف بها بضعة لم تقض بترب ، أي لم يقع إلّا على عشب قضت وأقضت إذا أصابها القضض أي كثر المطر ، حتّى لم يوجد القضض ورسغت ، أي كثر المطر حتى يغيب الرّسغ ، والرّك أكثر من الدّثّ.
وقيل لأعرابي : ما أشدّ البرد؟ قال : إذا كانت السّماء نقية ـ والأرض ندية ـ والريح شآمية. وقيل لآخر : ما أشدّ البرد؟ فقال : إذا صفت الخضراء ، وندبت الدّقعاء ، وهبت الجربياء. وقيل لآخر : ما أشدّ البرد؟ قال : إذا دمعت العينان وقطر المنخران ، ولجلج اللّسان.
وقال أعرابي : ليس الحياء بالسّجيّة يتبع أذناب أعاصير الرّيح ، ولكنّ كلّ ليلة مسبل رواقها ، منقطع نطاقها ، نبيث أذان ضأنها تنطف إلى الصّباح.