وهذا باب له جوانب ، وورّاد العرب مختلفة الطّرق ، فمنهم من قال :
ولقد وردت الماء لون حمامة |
|
لون الفريقة صفّيت للمدنف |
فصدرت عنه طاميا وتركته |
|
يهتزّ علفته كأن لم يقشف |
وقال آخر :
وماء قد وردت أميم طام |
|
على أرجائه زجل القطاط |
فبتّ أنهته السّرحان عنه |
|
كلانا وارد حرّان ساط |
وقال لبيد :
فوردنا قبل فراط القطا |
|
إنّ من وردي تغليس النّهل |
طامي العرمض لا عهد له |
|
بأنيس بعد حول قد كمل |
فهرقنا لهما في داثر |
|
لضواحيه نشيش بالبلل |
وقال العجّاج :
وردته قبل الذّباب العسال |
|
وقبل إرسال قطا فإرسال |
بالقوم عبدا والمطي الكلال |
وقال امرؤ القيس :
فأوردها من آخر اللّيل مشربا |
|
بلالق خضرا ماؤهنّ قليص |
يعني : عيرا وأتنا ، فربّما قصدوا الحج بركوب الفلوات التي لم تسلك ، والمياه التي لم تورد ابعادا في الغزو ، واقتحاما على المهالك. وربما ذكروا التّوحّش ومجاورة الوحوش لذلك قال الشّنفري:
طريد خبايات تياسرن لحمه |
|
عقيرته لا بأيما حن أوّل |
بجناياته في القبائل حتى أسلمه ذووه وتبرءوا من موالاته.
وقال :
ويشرب أسارى القط الكدر بعد ما |
|
سرت قربا أحياؤها يتصلصل |
وربما قصدوا الافتخار فيه بورود أبواب الملوك ومنافرة الخصوم بها والسّعي في تحمّل الدّيات وإصلاح ما بين العشائر. وجعل المياه فراطة لهم لسبقهم كل الإغراء إليها يدل على هذا قوله :
ولا يردن الماء إلّا عشية |
|
إذا صدر الورّاد عن كلّ منهل |