فقال لابنه : أجز ، فقال :
فأصبحن بالموماة يحملن فينة |
|
تشاوى من الإدلاج ميل العمائم |
ثم قال لابنته أجيزي فقالت شعرا :
كأنّ الكرى يسقيهم صرخدية |
|
عقارا تمشّت في الطّلى والمعاصم |
فقال : والله ما وصفتها حتى شربتها وضربه ابنه بسهم فاختلّ ساقه وقال شعرا :
إنّ بني رملوني بالدّم |
|
من يلق أبطال الرّجال يكلم |
وما يكن من صعر يقوم |
|
شنشنة أعرفها من أخزم |
قال ذو الرّمة :
وليل كجلباب العروس ادّرعته |
|
بأربعة والشّخص في العين واحد |
أجم غدافي وأبيض صارم |
|
وأعسر مهري وأشعث ماجد |
أخو ثقة جاب الفلاة بنفسه |
|
على الهول حتى لوّحته المطارد |
وأشعث مثل السّيف قد لاح جسمه |
|
وحيف المهاري والمهوم الأباعد |
سقاه الكرى كأس النّعاس برأسه |
|
لدين الكرى من آخر اللّيل ساجد |
أقمت له صدر المطيّ وما درى |
|
أجائرة أعناقها أم قواصد؟ |
ترى النّاشئ الغرّيد يضحى كأنّه |
|
على الرّجل مما منه السّير عاصد |
قوله : (كجلباب العروس) : في التشبيهات الظّريفة لأنّ اللّيل لا يشبه جلباب العروس إلا في سبوغه واتّساعه وقلة فرجه وتمامه ومثله قول الآخر شعرا :
إذا ما الثّريا طلعت في سنائها |
|
طلاع العروس في ثياب جلاء |
تنفّست من علمي بما البين صانع |
|
وإنّ ردائي ليس لي برداء |
وإنما ذكر الثّريا لطلوعها في أطول ما يكون ، وحينئذ تطلع في وقت غروب الشّمس وذلك في أوّل الشّتاء ، فإذا طلعت طلعت في حمرة الأفق ، فشبّهها في تلك الحالة بثياب العروس في حمرتها وسبوغها. قوله : (تنفّست) : أي علمت أنّ الزّمان قد تغيّر عن هيئته ، وأنّ الإنسان لا يكتفي من الكسوة بما كان يكتفي به قبل ذلك لتحرك البرد ، وأنّ الأحياء تتفرّق فيطلبون المحاضر ويهجرون البوادي ولابن أم صاحب :
وفتية أرّقتهم من مهجع |
|
والنّوم أحلى عندهم من العسل |
لا يطعمون النّوم إلا قللا |
|
حسوا كحسو الطّير من ماء الوسل |