وقال عبيد الله بن عبد الله في معنى قول النابغة :
إنّي وإن حدّثت نفسي أنّني |
|
أفوتك إنّ الرأي منّي لعاذب |
لأنّك لي مثل المكان المحيط بي |
|
من الأرض أنّى استنهضتني المذاهب |
فجعل مكان اللّيل من قول النّابغة ، لأنّك لي مثل المكان إذ كان لا بد للمخلوق من مكان وزمان ، وقالوا : صمنا عشرا من رمضان ، وأنشد أبو عبيدة :
فصامت ثلاثا لا مخافة بينها |
|
ولو مكثت خمسا هناك لصلّت |
والشّهور كلّها مذكّرة سوى جماديين ، ولا يذكّرون من شهر كذا إلا في ثلاثة أشهر : شهر رمضان وشهرا ربيع ، لأنّ الربيع وقت من السّنة فخافوا إذا قالوا من ربيع أن يظن أنه من الرّبيع الذي قبل الخريف ، وقال الرّاعي :
شهري ربيع لا يذوق لبونهم |
|
إلّا حموضا وخمة ودويلا |
الدّويل كسار الحلى ينبت مجتمعا ، وكلّ ما يكسر من النّبات وأسود فهو دويل ولو كتب كاتب في ربيع الأول وفي رمضان ، ولم يذكر الشهر لجاز وليس بالمختار كما قال :
جارته في رمضان الماضي |
|
تقطع الحديث بالإيماض |
واعلم أنّه لا يكتب لليلة مضت لأنّهم يعدون في اللّيلة ، فإذا أصبحوا كتبوا لليلة خلت ، ويكتب أوّل يوم من كذا ، ولا يكتب مهلّ كذا ، ولا مستهل كذا لأنّ الهلال إنّما يرى باللّيل. وأنشد الأصمعي والشّعر لنابغة بني جعدة ، وعاش ثمانين ومائة سنة :
قالت أمامة كم عمرت زمانه |
|
وربحت من عزّ على الأوثان |
ولقد شهدت عكاظ قبل محلّها |
|
فيها وكنت أعد في الفتيان |
والمنذر بن محرّق في ملكه |
|
وشهدت يوم هجا بن النّعمان |
وعمرت حتّى جاء أحمد بالتّقى |
|
وقوارع يتلى من الفرقان |
فلبست بالإسلام ثوبا واسعا |
|
من سيب لا حرد ولا منّان |
وقال حين أتت عليه مائة واثنتا عشرة سنة :
مضت مائة لعام ولدت فيه |
|
وعشر بعد ذاك وحجّتان |
وأبقى الدّهر والأيام منّي |
|
كما أبقى من السّيف اليماني |
يصمّم وهو مأثور جراز |
|
إذا اجتمعت بقائمة اليدان |
قال أبو عبد الله فتّاك الجاهليّة : الحارث بن ظالم المرّي ـ والبراض بن قيس الضّمري ـ وتأبّط شرّا واسمه جابر بن سفيان الفهمي ـ وحنظلة بن فاتك أحد بني عمرو بن أسد. وفتّاك