وباقي السبعة بالفتح ، ومفعول (جَزَيْتُهُمُ) الثاني محذوف تقديره الجنة أو رضواني. وقال الزمخشري : في قراءة من قرأ (أَنَّهُمْ) بالفتح هو المفعول الثاني أي (جَزَيْتُهُمُ) فوزهم انتهى. والظاهر أنه تعليل أي (جَزَيْتُهُمُ) لأنهم ، والكسر هو على الاستئناف وقد يراد به التعليل فيكون الكسر مثل الفتح من حيث المعنى لا من حيث الإعراب لاضطرار المفتوحة إلى عامل. و (الْفائِزُونَ) الناجون من هلكة إلى نعمة.
وقرأ حمزة والكسائي وابن كثير قل كم والمخاطب ملك يسألهم أو بعض أهل النار ، فلذا قال عبر عن القوم. وقرأ باقي السبعة قال ، والقائل الله تعالى أو المأمور بسؤالهم من الملائكة. وقال الزمخشري : قال في مصاحف أهل الكوفة و (قالَ) في مصاحف أهل الحرمين والبصرة والشام. وقال ابن عطية : وفي المصاحف قال فيهما إلّا في مصحف الكوفة فإن فيه قل بغير ألف ، وتقدم إدغام باب لبثت في البقرة سألهم سؤال توقيف على المدة. وقرأ الجمهور (عَدَدَ سِنِينَ) على الإضافة و (كَمْ) في موضع نصب على ظرف الزمان وتمييزها عدد. وقرأ الأعمش والمفضل عن عاصم عددا بالتنوين. فقال أبو الفضل الرازي صاحب كتاب اللوامح (سِنِينَ) نصب على الظرف والعدد مصدر أقيم مقام الاسم فهو نعت مقدم على المنعوت ، ويجوز أن يكون معنى (لَبِثْتُمْ) عددتم فيكون نصب عددا على المصدر و (سِنِينَ) بدل منه انتهى. وكون (لَبِثْتُمْ) بمعنى عددتم بعيد.
ولما سئلوا عن المدة التي أقاموا فيها في الأرض ويعني في الحياة الدنيا قاله الطبري وتبعه الزمخشري فنسوا لفرط هول العذاب حتى قالوا (يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) أجابوا بقولهم (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) ترددوا فيما لبثوا قاله ابن عباس. وقيل : أريد بقوله (فِي الْأَرْضِ) في جوف التراب أمواتا وهذا قول جمهور المتأولين. قال ابن عطية : وهذا هو الأصوب من حيث أنكروا البعث ، وكانوا قولهم أنهم لا يقومون من التراب قيل لهم لما قاموا (كَمْ لَبِثْتُمْ) وقوله آخرا (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) يقتضي ما قلناه انتهى.
(فَسْئَلِ الْعادِّينَ) خطاب للذي سألهم. قال مجاهد : (الْعادِّينَ) الملائكة أي هم الذين يحفظون أعمال بني آدم ويحصون عليهم ساعاتهم. وقال قتادة : أهل الحساب ، والظاهر أنهم من يتصف بهذه الصفة ملائكة أو غيرهم لأن النائم والميت لا يعد فيتقدر له الزمان. وقال الزمخشري : والمعنى لا نعرف من عدد تلك السنين إلّا أنا نستقله ونحسبه يوما أو بعض يوم لما نحن فيه من العذاب ، وما فينا أن يعدكم بفي فسئل من فيه أن يعد