بالطرب قراءة القرآن ، وبالحرام الحلال ، وآتهم بالحياء ، وهب له ولدا» (١).
قال مازن : فأذهب الله عنى كل ما أجد ، وأخصبت عمان ، وتزوجت أربع حرائر ، ووهب الله لى حيان بن مازن ، وأنشأت أقول :
إليك رسول الله سقت مطيتى |
|
تجوب الفيافى من عمان إلى العرج |
لتشفع لى يا خير من وطئ الحصى |
|
فيغفر لى ربى فأرجع بالفلج |
إلى معشر خالفت فى الله دينهم |
|
فلا رأيهم رأيى ولا شرجهم شرجى |
وكنت امرأ بالزغب والخمر مولعا |
|
شبابى حتى أذن الجسم بالنهج |
فأصبحت همى فى جهاد ونيتى |
|
فلله ما صومى ولله ما حجى |
ومما يلحق بهذا الباب من حسان أخبار الكهان وإن كان بعد المبعث بزمان ولكنه يجتمع مع الأحاديث السابقة فى الدلالة على صدق الرسول ، والإعلام بالغيب المجهول ، والإرشاد إلى سواء السبيل ، ما ذكره أبو على إسماعيل بن القاسم فى أماليه بإسناد له إلى ابن الكلبى عن أبيه قال :
كان خنافر بن التوأم الحميرى كاهنا ، وكان قد أوتى بسطة فى الجسم وسعة فى المال ، وكان عاتيا ، فلما وفدت وفود اليمن على النبيّ صلىاللهعليهوسلم وظهر الإسلام أغار على إبل لمراد فاكتسحها ، وخرج بأهله وماله ولحق بالشحر فحالف جودان بن يحيى الفرضمى ، وكان سيد منيعا ، ونزل بواد من أودية الشحر مخصب كثير الشجر من الأيك والعرين.
قال خنافر : وكان رئيى فى الجاهلية لا يغيب عنى ، فلما شاع الإسلام فقدته مدة طويلة وساءنى ذلك ، فبينا أنا ليلة فى ذلك الوادى نائما إذ هوى هوى العقاب ، فقال خنافر : قلت شصار؟ فقال : اسمع أقل. قلت : أسمع. فقال : عه تغنم ، لكل مدة نهاية وكل ذى أمد إلى غاية. قلت : أجل. فقال : كل دولة إلى أجل ثم يتاح لها حول ، انتسخت النحل ورجعت إلى حقائقها الملل ، إنك سجير موصول والنصح لك مبذول.إنى آنست بأرض الشام نفرا من أهل العزام حكاما على الحكام يذكرون ذا رونق من الكلام ، ليس بالشعر المؤلف ، ولا بالسجع المتكلف فأصغيت فزجرت ، فعاودت فظلفت ، فقلت : بم تهينمون وإلام تعتزون؟ فقالوا : خطاب كبار جاء من عند الملك الجبار ، فاسمع يا شصار عن أصدق الأخبار ، واسلك أوضح الآثار تنج من أوار النار.
قلت : وما هذا الكلام؟ قالوا : فرقان بين الكفر والإيمان ، رسول من مضر ، ابتعث
__________________
(١) أخرجه البيهقي فى الدلائل (٢ / ٣٦ ، ٢٥٦) ، الهيثمى فى المجمع (٨ / ٢٤٨).