إن الذي ورث النبوة والهدى |
|
بعد ابن مريم من قريش مهتدى |
أودى ضمار وكان يعبد مرة |
|
قبل الكتاب إلى النبيّ محمد |
فحرق العباس ضمار ، ولحق بالنبى صلىاللهعليهوسلم فأسلم. والأخبار فى هذا الباب مما نقل من ذلك عن الكهان ، أو سمع عند الأصنام ، أو هتفت به هواتف الجان كثيرة جدا ، وقد أتينا منها بما استحسناه مما ذكره ابن إسحاق ، أو ذكره سواه.
قال ابن إسحاق (١) : وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن رجال من قومه قالوا : إن مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله لنا وهداه ، لما كنا نسمع من أحبار يهود.
كنا أهل شرك أصحاب أوثان ، وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا ، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور ، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا : إنه قد تقارب زمان نبى يبعث الآن ، نقتلكم معه قتل عاد وإرم ، فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم فلما بعث الله رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم أجبناه حين دعانا إلى الله وعرفنا ما كانوا يتواعدوننا به ، فبادرنا إليه ، فآمنا به وكفروا به ، ففينا وفيهم نزلت هذه الآية من البقرة : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) [البقرة : ٨٩] (٢).
قال (٣) : وحدثني صالح بن إبراهيم ، عن محمود بن لبيد ، عن سلمة بن سلامة بن وقش ، وكان من أصحاب بدر ، قال كان لنا جار من يهود فى بنى عبد الأشهل ، فخرج علينا يوما من بيته حتى وقف على بنى عبد الأشهل ، فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنة والنار ، فقال ذلك لقوم أهل شرك ، أصحاب أوثان ، لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت ، فقالوا له : ويحك يا فلان أو ترى هذا كائنا ، أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار ، يجزون فيها بأعمالهم. قال : نعم والذي يحلف به : ولود أن له بحظه من تلك النار أعظم تنور فى الدار يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطينونه عليه ، بأن ينجو من تلك النار غدا ، فقالوا له : ويحك يا فلان ، وما آية ذلك؟ قال : نبى مبعوث من نحو هذه البلاد ، وأشار بيده إلى مكة واليمن. قالوا : ومتى نراه؟ قال : فنظر إلى ، وأنا من أحدثهم سنا ، فقال : إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه.
__________________
(١) انظر : السيرة (١ / ١٨٢).
(٢) أخرجه الطبرى فى تفسيره (١ / ٣٢٥) ، ابن كثير فى تفسيره (١ / ١٧٨).
(٣) انظر : السيرة (١ / ١٨٣).