قال ابن إسحاق : فبلغنى أن وحشيا لم يزل يحد فى الخمر حتى خلع من الديوان. فكان عمر بن الخطاب ، رضى الله عنه ، يقول : قد علمت أن الله لم يكن ليدع قاتل حمزة.
قال ابن إسحاق (١) : وقاتل مصعب بن عمير (٢) دون رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى قتل ، قتله ابن قميئة الليثى ، وهو يظن أنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فرجع إلى قريش فقال : قتلت محمدا.
فلما قتل مصعب أعطى رسول الله صلىاللهعليهوسلم اللواء على بن أبى طالب ، فقاتل على ورجال من المسلمين.
ولما اشتد القتال يومئذ جلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم تحت راية الأنصار وأرسل إلى على أن قدم الراية ، فتقدم فقال : أنا أبو القصم ، فناداه أبو سعد بن أبى طلحة : هل لك يا أبا القصم فى البراز من حاجة؟ قال : نعم. فبرزا بين الصفين فاختلفا ضربتين فضربه على فصرعه ثم انصرف ولم يجهز عليه ، فقال له أصحابه : أفلا أجهزت عليه؟ فقال : إنه استقبلنى بعورته فعطفتنى عليه الرحم وعرفت أن الله قد قتله.
ويقال : إن أبا سعد هذا خرج بين الصفين وطلب من يبارزه مرارا فلم يخرج إليه أحد ، فقال : يا أصحاب محمد ، زعمتم أن قتلاكم فى الجنة وقتلانا فى النار ، كذبتم واللات لو تعلمون ذلك حقا لخرج إلى بعضكم. فخرج إليه علىّ فاختلفا ضربتين فقتله علىّ. وقد قيل : إن سعد بن أبى وقاص هو الذي قتل أبا سعد هذا.
وقاتل عاصم بن ثابت بن أبى الأقلح (٣) ، فقتل مسافع بن طلحة وأخاه الجلاس ابن طلحة ، كلاهما يشعره سهما (٤) فيأتى أمه فيضع رأسه فى حجرها فتقول : يا بنى من أصابك؟ فيقول : سمعت رجلا يقول رمانى : خذها وأنا ابن أبى الأقلح. فندرت إن أمكنها الله من رأس عاصم أن تشرب فيه الخمر ، وكان عاصم قد عاهد الله أن لا يمس مشركا ولا يمسه مشرك أبدا ، فتمم الله له ذلك حيا وميتا حسب ما نذكره عند مقتل عاصم على الرجيع ـ ماء لهذيل ـ إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) انظر السيرة (٣ / ٣٤).
(٢) انظر ترجمته فى : الإصابة ترجمة رقم (٨٠٢٠) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٤٩٣٦).
(٣) انظر ترجمته فى : الإصابة ترجمة رقم (٤٣٦٥) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٢٦٦٥).
(٤) يشعره سهما : أى يصيبه به فى جسده ، فيصير له مثل الشعار ، والشعار ما ولى الجسد من الثياب.