الإخمال والإجمال ، وغلقت عليّ الباب ولم يكن لي أنيسا سوى ربّ الأرباب فاحتصرت في فسحة الدار ممنوعا من مراجعة الأخيار ، فأتى على ذلك أيّام وضاق بي المقام واشتدّ عليّ الأمر وبلغت روحي التراق والتفت الساق بالساق ، فسألت الله في ذلك وتوسّلت إلى محيط مركز الامّة وشمس فلك الإمامة ، وعاهدت الله أن أكتب لاستخلاصي منها شرحا مستقلّا يحتوي جلّ ما يتعلّق بأحواله وصحيفة جامعة تفوق الصحف الممهّدة له ، فهاجت نفسي فأخذت فيها قبل أن تلمح المناص وتفوح ريح الاستخلاص.
فحاشا المنتظر المهدي نجل الحجّة العسكري عجّل الله فرجه أن يحجبني دونه الحجاب قبل أوان فراغ غصون هذا الكتاب ، فشرعت فيه على المعهود وصرفت إليه عنان المقصود وعكفت عنان الهمّة إلى اجتماع فصول المهمّة فها هو قد أتى ، كتاب جامع وبرهان قاطع وصحيفة حاولت النمط الأوفى ومعالم الزلفى وجنّة المأوى ، ولعمري قد تضمّن هذه السطور كنوزا من لآلئ المنثور وكتاب مسطور في رقّ منشور ، كاشف الغمّة عن المنتظرين ، والكافي عن عمدة ما أهمّ المسترشدين لإكمال الدين ، بحيرة تضمن بحار الأنوار وعجائب الآثار وينابيع الأخبار بل عيون الأخبار وكشف الأستار عن وجه الغيبة الإلهية النوراء ، وشاخص الأبصار نحو البحر الأبيض والجزيرة الخضراء ، هداة لإرشاد الصراط المستقيم مبرهنا ، براهين إحقاق الحقّ ودر النظيم سيفا لفتوحات عوالم الغيبة ، وحساما لقطع حبائل الناصب عن الشيعة ، فروعه أبواب دار السلام وفي ثمراته غاية المرام وفاكهة الأنام ، ولاشتمالها على أغصان أنواره الزاهرة وأثمار وجوده الباهرة سمّيتها بالشجرة المباركة ، ولما تضمّن من خرق ما نسجته العامّة العمياء وقلع ما أسسته أمّة الطواغيت الطغيا من النقض والإبرام في وجوده وتصرّفاته سمّيتها ب (إلزام الناصب في إثبات الحجّة الغائب) ورتبته على أغصان.
ثمّ إنّي اقتصرت فيه على لباب الأخبار بطرح المكررات اللفظية والمعنوية ؛ بإلغاء الأسانيد والرجال من الأخبار المروية ، اعتمادا على الصحاح المشهورة المنقولة واتّكالا على الثقات من الرجال المقبولة ، وأحمد الله تعالى سبحانه أوّلا وآخرا وصلّى الله على خاتم أنبيائه وأشرف سفرائه محمّد وعترته الطاهرين الأنجبين الغرّ الميامين.