وذهب الإمامية إلى مثل ذلك (١) ، فيكون قوله : اورشليم الجديدة النازلة من السماء ، كناية عن مكة وهذا من قبيل إقامة الظرف مقام المظروف ، وهي في جزيرة العرب قريب من ساحل البحر الأحمر في محاري طول خمسة وأربعين درجة من الطول الجديد وعرض اثنتين وعشرين درجة من الشمال.
فالأول قوله : فاكتب إلى كنيسة افس الخ ، وهي بلدة في عرض ثمان وثلاثين درجة من الشمال وطول خمس وأربعين درجة وخمس عشرة دقيقة من الطول الجديد ، هذا ما يقول المراد بالكواكب الملائكة الموكلة على الكنائس من أنّه لكل كنيسة ملك وبالمنائر نفوس الكنائس ، أي هذا ما يقول مولانا.
وقوله : امتحانك الأنبياء الكذبة ، يشير به إلى أنّه قد خرج في زمان الفترة نبي كاذب غير بارلسوع بصيغة الجمع. قوله : لكنّك لست كما كنت ، يدلّ على عدم استقامة أهل افس في دينهم. قوله : وإلّا أزلت منارتك ، إمّا بتخريب البلد أو بتفريق القوم. قوله : من كانت له اذن سامعة الخ ، يدلّ على أنّ هذا هو محلّ يجب استماعه. قوله : ما تقول الروح للكنائس ، ذهب كافّة النصارى إلى أنّ الفاعل هاهنا هو المسيح مع أنّه مظهر يؤول إلى الروح ، وطمسوا على أعين القوم بأدلّة فاسدة ، والحقّ أنّ الفاعل هو الروح.
قوله : إنّي ساطعم المظفر من عود الحياة ، قال النصارى : إنّ المراد بالمظفر الذي يظفر على الشيطان من أهل كلّ كنيسة فيكون عاما ، والعهد الخارجي يمنعه فلا يقوم ، والحقّ أنّ مراده محمّد صلىاللهعليهوآله ؛ لأن تقييد كلا المعنيين يدلّ على أنّ موضوع الثاني غير موضوع الأوّل ، ولم يأت بعد عيسى من يقوم بالأمر فيكون المنصوص عليه محمّد صلىاللهعليهوآله ولأنّ قوله : وامتحانك لكذبة الأنبياء واضح الدلالة على إتيان غير الكاذب ، وهذا يدلّ على فضيلته. وفيه أنّك قد كذّبت الكاذبين فيلزمك تصديق الصادقين.
وقوله : لكنّك لست كما كنت أي لست مستعدّا في تصديق الصادق كما كنت في تكذيب الكاذب ، فاحذر سقوطك ، يحذره بهفوة آدم عليهالسلام أي اذكر سقوط آدم وكيف حبط علمه لمّا عصى الله وأكل من شجرة العلم ، أو منصوب بنزع الخافض : أي احذر من سقوطك وتب عمّا أنت مستهيئ له من تكذيب الصادق وإلّا فسأجيء وازيل منارتك ، ثمّ رجع بعد ذلك
__________________
(١) عوالي اللئالي : ١ / ٦٨.