وفيه عن أبي جعفر عليهالسلام : إن حديثكم هذا لتشمئزّ منه قلوب الرجال فمن أقرّ به فزيدوه ومن أنكره فذروه ، إنّه لا بدّ من أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة حتّى يسقط فيها من يشق الشعر بشعرتين ، حتى لا يبقى إلّا نحن وشيعتنا (١).
وفيه عن منصور الصيقل قال : كنت أنا والحارث بن مغيرة وجماعة من أصحابنا جلوسا ، وأبو عبد الله يسمع كلامنا فقال لنا : في أي شيء أنتم؟ هيهات هيهات لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتّى تغربلوا ، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تمحّصوا ، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا ، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلّا بعد إياس ، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد (٢).
أقول : والشاهد على كلامه عليهالسلام حكاية نوح في إكمال الدين عن جعفر بن محمد : لمّا أظهر الله نبوّة نوح وأيقن الشيعة بالفرج واشتدّت البلوى وعظمت العزيمة ، إلى أن آل الأمر إلى شدّة شديدة نالت الشيعة ، والوثوب على نوح بالضرب المبرح حتّى مكث عليهالسلام في بعض الأوقات مغشيا عليه ثلاثة أيّام ، يجري الدم من اذنه ثمّ أفاق ، وذلك بعد ثلاثمائة سنة من مبعثه ، وهو في خلال ذلك يدعوهم ليلا ونهارا فيهربون ، ويدعوهم سرّا فلا يجيبون ، ويدعوهم علانية فيولّون ، فهمّ بعد ثلاثمائة سنة بالدعاء عليهم ، وجلس بعد صلاة الفجر للدعاء فهبط إليه وفد من السماء السابعة وهم ثلاثة أملاك فسلّموا عليه ثمّ قالوا : يا نبي الله لنا حاجة. قال : وما هي؟ قالوا : تؤخّر الدعاء على قومك فإنّها أوّل سطوة لله عزوجل في الأرض. قال : أخّرت الدعاء عليهم ثلاثمائة سنة اخرى.
وعاد إليهم فصنع ما كان يصنع ويفعلون ما كانوا يفعلون حتّى انقضت ثلاثمائة سنة ، ويئس من إيمانهم جلس وقت الضحى والنهار للدعاء فهبط إليه وفد من السماء السادسة وهم ثلاثة أملاك فسلّموا عليه فقالوا : نحن وفد من السماء السادسة خرجنا بكرة وجئناك ضحوة ، ثمّ سألوه ما سأله وفد السماء السابعة ، فأجابهم مثل ما أجاب اولئك إليه وعاد عليهالسلام إلى قومه يدعوهم فلا يزيدهم دعاؤه إلّا فرارا ، حتّى انقضت ثلاثمائة سنة اخرى فتمّت تسعمائة سنة.
__________________
(١) الكافي : ١ / ٣٧٠ ح ٥.
(٢) الكافي : ١ / ٣٧٠ ح ٦.