فرماه فصك بين عينيه وقتله وقال الناس : قتل داود عليهالسلام جالوت ، فاجتمعت عليه بنو إسرائيل وأنزل الله عليه الزبور وليّن له الحديد وأمر الجبال والطير أن تسبّح معه ، وأعطاه صوتا لم يسمع بمثله حسنا وأقام في بني إسرائيل نبيّا (١).
وهكذا يكون سبيل القائم عجل الله فرجه فإنّ له سيفا مغمدا ، إذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده وأنطقه الله عزوجل فناداه السيف : اخرج يا ولي الله فلا يحلّ لك أن تقعد عن أعداء الله ، فيخرج فيقتلهم.
ثمّ إنّ داود أراد أن يستخلف سليمان لأنّ الله عزوجل أوحى إليه يأمره بذلك ، فلمّا أخبر بني إسرائيل ضجّوا من ذلك وقالوا : تستخلف علينا حدثا وفينا من هو أكبر منه ، فدعا أسباط بني إسرائيل وقال لهم : قد بلغتني مقالتكم فأروني عصيّكم فأيّ عصا أثمرت فصاحبها ولي الأمر من بعدي. فقالوا : رضينا. قال : ليكتب كلّ واحد منكم اسمه على عصاه ، فكتبوا ، ثمّ جاء سليمان بعصاه فكتب عليها اسمه ، ثمّ ادخلت بيتا واغلق الباب وحرسته رءوس أسباط بني إسرائيل ، فلمّا أصبح فتح الباب فأخرج عصيهم وقد أورقت عصا سليمان وأثمرت فسلّموا ذلك لداود فقال : إنّ هذا خليفتي من بعدي.
ثم اخفي سليمان بعد ذلك وتزوّج بامرأة استتر في بيتها عن شيعته ما شاء الله ، ثمّ إنّ امرأته قالت له ذات يوم : بأبي أنت وأمّي ما أكمل خصالك وأطيب ريحك ، ولا أعلم لك خصلة أكرهها إلّا أنّك في مئونة أبي ، فلو دخلت السوق فتعرّضت لرزق الله رجوت أن لا يخيبك. فقال لها سليمان : إنّي والله ما عملت عملا قط ولا احسنه ، فدخل السوق يومه ذلك فرجع ولم يصب شيئا فقال لها : ما أصبت شيئا؟ قالت : لا عليك إن لم يكن اليوم كان غدا. فلمّا كان من الغد خرج إلى السوق فجال يومه فلم يقدر على شيء فرجع فأخبرها فقالت : غدا يكون إن شاء الله ، فلمّا كان اليوم الثالث مضى حتّى انتهى إلى ساحل البحر فإذا هو بصيّاد فقال له : هل لك أن أعينك وتعطيني شيئا؟ قال : نعم ، فأعانه فلمّا فرغ أعطاه الصياد سمكتين. فأخذهما وحمد الله ، ثمّ إنّه شقّ بطن إحداهما فإذا هو بخاتم في بطنها فأخذه وصيّره في ثوبه ، وحمد الله عزوجل وأصلح السمكتين وجاء بهما إلى منزله وفرحت امرأته
__________________
(١) بحار الأنوار : ١٣ / ٣٦٦ و ٤٤٥.