ابن مطهر قال : رويت عن مولانا شرف الدين إسحاق بن محمود اليماني القاضي بقم عن خاله مولانا عماد الدين محمد بن محمد بن فتحان القمي عن الشيخ صدر الدين السلوي قال : دخلت على الشيخ بابارتن وقد سقطت حاجباه على عينيه من الكبر فرفعهما عن عينيه فنظر إليّ وقال : ترى عينيّ هاتين ، طال ما نظرتا إلى وجه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد رأيته يوم حفر الخندق وكان يحمل على ظهره التراب مع الناس وسمعته يقول في ذلك اليوم : اللهمّ إنّي أسألك عيشة هنيئة وميتة سوية ومردّا غير مخز ولا فاضح (١).
وعن السيد الجليل صدر الدين السيد علي في صنوة الغريب (٢) عن قاضي القضاة نور الدين علي بن شريف محمد بن الحسين الحسيني الأثري الحنفي قال : حكى لي جدّي حسين بن محمد الحسيني في سنة إحدى وسبعمائة من الهجرة ما ترجمته بالعربية : إنّه مضى من عمري سبع أو ثماني عشرة سنة ، فسافرت مع أبي وعمّي من خراسان إلى بلاد الهند للتجارة ، فلمّا وصلنا إلى أوائل ملك هند وردنا مزرعة فقيل : إنّ هذه المزرعة للشيخ رتن بن كزبال بن رتن المترندي ، فحططنا رحالنا عند شجرة يكفي ظلّها لأن يستظلّ فيه جماعة كثيرة ، فاجتمع أهل المزرعة كلّهم عندنا وسلّمنا عليهم فردوا علينا السلام ، فنظرنا بالفروع وأغصان هذه الشجرة فإذا بغصن من أغصانها زنفيل كبير معلّق فسألتهم عن الزنفيل وعمّا فيه وكيفيّته ، قالوا : هذا مسكن الشيخ رتن وهو الذي أدرك زمان النبي صلىاللهعليهوآله وتشرّف بخدمته ودعا صلىاللهعليهوآله له بطول العمر ست مرّات ، فالتمسنا منهم أن ينزلوا الزنفيل فأنزله من بينهم رجل هرم فرأيناه مملوءا من القطن ، وفي وسطه الشيخ رتن قاعد مثل الدجاجة ، فجعل هذا الرجل الهرم فمه عند اذنه وقال : يا جدّ إن جمعا من أهل خراسان وفيهم الشرفاء وولد النبي صلىاللهعليهوآله يسألونك كيف رأيت النبي صلىاللهعليهوآله وما قال لك ، ثمّ تأوه وتكلّم بالفارسية وصوته كصوت النحل ونحن نسمع كلامه ونتميزه وترجمته بالعربية :
قال : سافرت مع أبي من هذه البلاد إلى الحجاز للتجارة ، فلمّا وصلنا بواد من أودية مكّة وفيها ماء السبيل الكثير الغزير فرأينا شابّا وجيها كأنّ وجهه فلقة القمر وهو أسمر اللون ، عمره
__________________
(١) عوالي اللئالي : ١ / ٢٩.
(٢) طبع الكتاب باسم سلوة الغريب واسوة الأديب ، وله اسم آخر : رحلة ابن معصوم المدني. ط. عالم الكتب ، بيروت ١٤٠٨ ه.