الدعوة ، وكلّما أخبر به من الحوادث التي تحدث قبل كونها فذلك بعهد معهود إليه من رسول الله صلىاللهعليهوآله توارثه عن آبائه عنهم ويكون ذلك ممّا عهده إلى جبرئيل عن علّام الغيوب عزوجل ، وجميع الأئمّة الأحد عشر بعد النبي قتلوا ، منهم بالسيف وهو أمير المؤمنين والحسين والباقون قتلوا بالسّم ، قتل كلّ واحد منهم طاغية زمانه وجرى ذلك عليهم على الحقيقة والصحّة لا كما تقوله الغلاة والمفوّضة لعنهم الله ، فإنّهم يقولون : إنّهم عليهمالسلام لم يقتلوا على الحقيقة وأنّه شبّه للناس أمرهم ، وكذبوا عليهم غضب الله ، فإنّه ما شبه أمر أحد من أنبياء الله وحججه للناس إلّا أمر عيسى ابن مريم وحده لأنّه رفع من الأرض حيّا وقبض روحه بين السماء والأرض ، ثمّ رفع إلى السماء وردّ عليه روحه وذلك قول الله عزوجل (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) (١) وقال عزوجل حكاية لقول عيسى يوم القيامة (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٢).
ويقول المتجاوزون للحدّ في أمر الأئمّة : إنّه جاز أن يشبه أمر عيسى للناس فلم لا يجوز أن يشبه أمرهم عليهمالسلام أيضا؟ والذي يجب أن يقال لهم : إنّ عيسى مولود من غير أب فلم لا يجوز أن يكونوا مولودين من غير آباء ، فإنّهم لا يجسرون على إظهار مذهبهم لعنهم الله في ذلك ، ومتى جاز أن يكون جميع أنبياء الله ورسله وحججه بعد آدم عليهالسلام مولودين من الآباء والامّهات وكان عيسى مولودا من غير أب جاز أن يتشبّه للناس أمره دون أمر غيره من الأنبياء والحجج ، كما جاز أن يولد من غير أب دونهم وإنّما أراد الله عزوجل أن يجعل أمره آية وعلامة ليعلم بذلك أنّه على كلّ شيء قدير (٣).
وفي البحار عن مشارق البرسي عن طارق بن شهاب عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : يا طارق الإمام كلمة الله وحجّة الله ووجه الله ونور الله وحجاب الله وآية الله ، يختاره الله ويجعل فيه ما يشاء ويوجب بذلك الطاعة والولاية على جميع خلقه ، فهو وليّه في سماواته وأرضه أخذ له بذلك العهد على جميع عباده ، فمن تقدّم عليه كفر بالله من فوق عرشه ، فهو يفعل ما يشاء وإذا شاء الله شاء ، ويكتب على عضده (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) (٤) فهو الصدق
__________________
(١) آل عمران : ٥٥.
(٢) المائدة : ١١٧.
(٣) البحار : ٢٥ / ١١٩ ح ٢.
(٤) الأنعام : ١١٥.