والعدل ، وينصب له عمود من نور من الأرض إلى السماء يرى فيه أعمال العباد ، ويلبس الهيبة وعلم الضمير ويطّلع على الغيب ، ويرى ما بين المشرق والمغرب فلا يخفى عليه شيء من عالم الملك والملكوت ، ويعطى منطق الطير عند ولايته فهذا الذي يختاره الله لوحيه ويرتضيه لغيبه ويؤيّده بكلمته ويلقنه حكمته ويجعل قلبه مكان مشيئته وينادى له بالسلطنة ويذعن له بالإمرة ويحكم له بالطاعة ، وذلك لأنّ الإمامة ميراث الأنبياء ومنزلة الأصفياء وخلافة الله وخلافة رسل الله ، فهي عصمة وولاية وسلطنة وهداية ، لأنّها تمام الدين ورجح الموازين.
الإمام دليل القاصدين ومنار للمجتهدين وسبيل السالكين وشمس مشرقة في قلوب العارفين ، ولايته سبب للنجاة وطاعته مفترضة في الحياة وعدة بعد الممات ، وعزّ المؤمنين وشفاعة المذنبين ونجاة المحبّين وفوز التابعين ، لأنّها رأس الإسلام وكمال الإيمان ومعرفة الحدود والأحكام وحدّ سنن الحلال من الحرام فهي مرتبة لا ينالها إلّا من اختاره الله وقدّمه وولّاه وحكمه ، فالولاية هي حفظ الثغور وتدبير الامور وتعديد الأيّام والشهور.
الإمام الماء العذب على الظمأ والدالّ على الهدى.
الإمام المطهّر من الذنوب المطّلع على الغيوب.
الإمام هو الشمس الطالعة على العباد بالأنوار فلا تناله الأيدي والأبصار ، وإليه الإشارة بقوله تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (١) والمؤمنون علي وعترته فالعزّة للنبي والعترة لا يفترقان في العزّة إلى آخر الدهر ، فهم رأس دارة الايمان وقطب الوجود وسماء الجود وشرف الموجود وضوء شمس الشرف ونور قمره وأصل العزّ والمجد ومبدأه ومعناه ومبناه ، فالإمام هو السراج الوهّاج والسبيل والمنهاج والماء الثجاج والبحر العجاج (٢) والبدر المشرق والغدير المغدق والمنهج الواضح المسالك والدليل إذا عميت المهالك والسحاب الهاطل والغيث الهائل والبدر الكامل والدليل الفاضل والسماء الظليلة والنعمة الجليلة ، والبحر الذي لا ينزف والشرف الذي لا يوصف والعين الغزيرة والروضة المطيرة والزهر الأريج والبدر البهيج والنير اللائح والطيب الفائح والعمل الصالح والمتجر الرابح والمنهج
__________________
(١) المنافقون : ٨.
(٢) الوهّاج : شديد الاتّقاد. الثجاج : شديد الانصباب. العجاج : الصيّاح.