الواضح والطيّب الرفيق والأب الشفيق ، مفزع العباد في الدواهي والحاكم والآمر والناهي ، مهيمن الله على الخلائق وأمينه على الحقائق ، حجّة الله على عباده ومحجّته في أرضه وبلاده ، مطهّر من الذنوب مبرّأ من العيوب مطّلع على الغيوب ، ظاهره أمر لا يملك وباطنه غيب لا يدرك ، واحد دهره وخليفة الله في نهيه وأمره ، لا يوجد له مثيل ولا يقوم له بديل ، فمن ذا ينال معرفتنا أو يعرف درجتنا ويشهد كرامتنا أو يدرك منزلتنا ، حارت الألباب والعقول وتاهت الأفهام فيما أقول ، تصاغرت العظماء وتفاخرت العلماء وكلّت الشعراء وخرست البلغاء ولكنت الخطباء وعجزت الفصحاء وتواضعت الأرض والسماء عن وصف شأن الأوصياء ، وهل يعرف أو يوصف أو يعلم أو يفهم أو يدرك أو يملك من هو شعاع جلال الكبرياء وشرف الأرض والسماء؟ جلّ مقام آل محمّد عن وصف الواصفين ونعت الناعتين ، وأن يقاس بهم أحد من العالمين ، كيف وهم الكلمة العليا والتسمية البيضاء والوحدانية الكبرى التي أعرض عنها من أدبر وتولّى وحجاب الله الأعظم الأعلى ، فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول من هذا؟ ومن ذا عرف أو وصف من وصفت؟ ظنّوا أنّ ذلك في غير آل محمّد ، كذبوا وزلّت أقدامهم ، اتّخذوا العجل ربّا والشياطين حزبا وكلّ ذلك بغضة لبيت الصفوة ودار العصمة وحسدا لمعدن الرسالة والحكمة ، وزيّن لهم الشيطان أعمالهم ، فتبّا لهم وسحقا ، كيف اختاروا إماما جاهلا عابد الأصنام ، جبانا يوم الزحام ، والإمام يجب أن يكون عالما لا يجهل وشجاعا لا ينكل لا يعلو عليه حسب ولا يدانيه نسب ، فهو في الذروة من قريش والشرف من هاشم والبقية من إبراهيم والمتمتع من النبع الكريم ، والنفس من الرسول والرضا من الله والقول عن الله ، فهو شرف الأشراف والفرع من عبد مناف ، عالم بالسياسة قائم بالرئاسة مفترض الطاعة إلى يوم الساعة ، أودع الله قلبه سرّه وأطلق به لسانه فهو معصوم موفّق ليس بجبان ولا جاهل فتركوه يا طارق واتّبعوا أهواءهم ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه بغير هدى من الله ، والإمام يا طارق بشر ملكي وجسد سماوي وأمر إلهي وروح قدسي ومقام عليّ ونور جليّ وسرّ خفيّ ، فهو ملكي الذات إلهي الصفات زائد الحسنات. عالم بالمغيبات مدحضا من ربّ العالمين ونصّا من الصادق الأمين جبرئيل ، وهذا كلّه لآل محمّد لا يشاركهم فيه مشارك ، لأنّهم معدن التنزيل ومعنى التأويل وخاصّة الربّ الجليل ومهبط الأمين جبرئيل ، صفوة الله وسرّه وكلمته ، شجرة النبوّة ومعدن الصفوة ،