وهكذا صلّ عليّ ، ولا تعطه إلّا محقّي أوليائي فإنّ الله جلّ جلاله موفّقك. فقلت : يا مولاي أراك بعدها؟
فقال : يا حسن إذا شاء الله.
قال : فانصرفت من حجّتي ولزمت دار جعفر بن محمد فأنا أخرج منها فلا أعود إليها إلّا لثلاث خصال : لتجديد وضوء أو لنوم أو لوقت الإفطار ، فأدخل بيتي وقت الإفطار فاصيب رباعيا مملوءا ماء ورغيفا على رأسه وعليه ما تشتهي نفسي بالنهار ، فآكل ذلك فهو كفاية لي ، وكسوة الشتاء في وقت الشتاء وكسوة الصيف في وقت الصيف ، وإنّي لأدخل الماء بالنهار وأرشّ البيت وادخل الكوز فارغا فاوتى بالطعام ولا حاجة لي إليه فأتصدّق به كيلا يعلم بي من معي (١).
الرابع : ممّن رآه في غيبته الصغرى عن حبيب بن محمد بن يونس بن شاذان الصنعائي قال : دخلت إلى علي بن مهزيار الأهوازي فسألته عن آل أبي محمّد عليهالسلام قال : يا أخي لقد سألت عن أمر عظيم ، حججت عشرين حجّة كل أطلب به عيان الإمام فلم أجد إلى ذلك سبيلا ، فبينا أنا ذات ليلة نائم في مرقدي إذ رأيت قائلا يقول : يا علي بن إبراهيم قد أذن الله لك في الحجّ ، فلم أعقل ليلتي حتّى أصبحت فأنا مفكّر في أمري ، أرقب الموسم ليلي ونهاري ، فلمّا كان وقت الموسم أصلحت أمري وخرجت متوجّها نحو المدينة ، فما زلت كذلك حتّى دخلت يثرب فسألت عن آل أبي محمّد عليهالسلام فلم أجد له أثرا ولا سمعت له خبرا ، فأقمت مفكّرا في أمري حتّى خرجت من المدينة اريد مكّة ، فدخلت الجحفة وأقمت بها يوما وخرجت متوجّها نحو الغدير ، وهو على أربعة أميال من الجحفة فلمّا أن دخلت المسجد صلّيت وعفّرت واجتهدت في الدعاء وابتهلت إلى الله لهم وخرجت اريد عسفان ، فما زلت كذلك حتّى دخلت مكّة ، فأقمت بها أيّاما أطوف البيت واعتكفت ، فبينا أنا ليلة في الطواف إذا أنا بفتى حسن الوجه طيّب الرائحة يتبختر في مشيه ، طائف حول البيت فحسّ قلبي به فقمت نحوه فحككته ، فقال لي : من أين الرجل؟
فقلت : من أهل العراق ، فقال لي : من أي العراق؟ قلت : من الأهواز. فقال لي : أتعرف ابن الخضيب؟ فقلت : رحمهالله دعي فأجاب. فقال : رحمهالله فما كان أطول ليلته وأكثر تبتله
__________________
(١) الخرائج والجرائح : ٢ / ٩٦١ والثاقب في المناقب : ٦١٢.