نفسي : إن يكن هذا الإمام فقد حالت الإمامة ؛ لأنّي كنت أعرفه يشرب النبيذ ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور ، فتقدّمت وعزّيت وهنيت فلم يسألني عن شيء.
ثمّ خرج عقيد فقال : يا سيدي قد كفن أخوك فقم للصلاة عليه فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمان والحسن بن قتيل المعتصم المعروف بسلمة ، فلمّا صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي عليهالسلام مكفّنا فتقدّم جعفر بن علي ليصلّي على أخيه ، فلمّا همّ بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة ، بشعره قطط ، بأسنانه تفليج فجذب رداء جعفر بن علي وقال : تأخّر يا عمّ فأنا أحقّ بالصلاة على أبي ، فتأخّر جعفر وقد أربد وجهه ، فتقدّم الصبي فصلّى عليه ودفن إلى جانب قبر أبيه ثمّ قال : يا بصري هات جوابات الكتب التي معك.
فدفعتها إليه وقلت في نفسي : هذه اثنتان بقي الهميان ، ثمّ خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر ، فقال له حاجز الوشاء : يا سيدي من الصبي لنقيم عليه الحجّة؟ فقال : والله ما رأيته ولا عرفته ، فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي عليهالسلام فعرفوا موته فقالوا : فمن؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي فسلّموا عليه وعزّوه وهنّئوه وقالوا : معنا كتب ومال فتقول ممّن الكتب وكم المال ، فقام ينفض أثوابه ويقول : يريدون منّا أن نعلم الغيب.
قال : فخرج الخادم فقال : معكم كتب فلان وفلان وهميان فيه ألف دينار وعشر دنانير منها مطلسة ، فدفعوا الكتب والمال وقالوا : الذي وجّه بك لأجل ذلك هو الإمام ، فدخل جعفر بن علي على المعتمد وكشف له ذلك فوجه المعتمد خدمه ، فقبضوا على صيقل الجارية وطالبوها بالصبي فأنكرته وادّعت حملا بها لتغطي على حال الصبي ، فسلّمت على ابن أبي الشوارب وبلغتهم موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان فجأة ، وخروج صاحب الزنج بالبصرة ، فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن أيديهم ، والحمد لله ربّ العالمين (١).
السادس : ممّن رآه في غيبته الصغرى : وفي كشف الغمّة عن رشيق حاجب المادرائي (٢) : بعث إلينا المعتضد وأمرنا أن نركب ونحن ثلاثة نفر ونخرج مخفين السروج ونجنب اخرى (٣) وقال : الحقوا بسامراء واكبسوا دار الحسن بن علي فإنّه توفي ، ومن رأيتم في داره
__________________
(١) كمال الدين : ٤٧٥ ، وتبصرة الولي : ٧٧٦ ح ٤١.
(٢) في المصدر : المادرائي.
(٣) في المصدر : محفين على السروج ونجنب اخرى.